تطور وسائل النقل جعل فرصة الحج أكثر سهولة…
بعد تطور العلم والتكنولوجيا الى حد كبير في عصرنا الحالي، فقد جعل النقل الجوي فرصة تأدية الحج أكثر سهولة للحجاج، ان الحج يجمع المسلمين من جميع بقاع الدنيا، ويجب أن نعرف من خلال هذه الآيات أن الهدف الإلهي وراء بناء سيدنا إبراهيم للكعبة كان إعداد مركز لأهل التوحيد يؤمه الناس.
فمكة المكرمة هي مكان ومقر تجمع لكل مسلمي العالم فبيت الله الحرام هو المركز الاسلامي الى يوم القيامة.
وكما جاء في الاحاديث والروايات أن الله سبحانه وتعالى أمر سيدنا ابراهيم بأن ينادي في الناس ان يأتوا هذا البيت زائرين. فقال: يارب، كيف أبلغ الناس وصوتي لا يصل إليهم؟، فقال: ناد وعلينا البلاغ. فقام على الحجر وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوا إليه. فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وسمع من في الأرحام والأصلاب. وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك وهذا لا يعني أن كل الناس على كل وجه الأرض ممن كانوا موجودين في ذلك الوقت. وممن ولدوا في المستقبل سمعوا صوت إبراهيم في نفس ذلك الوقت.
وأتى في القرآن الكريم فيما يخص شأن الحج من بعد بسم الله الرحمن الرحيم: “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّ” صدق الله العظيم. والمثابة هنا مرادفة لكلمة المركز بمعناها الحديث أي المكان الذي يجتمع فيه الناس ويكون مرجعا يرجعون إليه وجامعا يجمعهم ويصونهم من التشتت.
الحج عبارة عن مسيرة المؤمن نحو الله سبحانه وتعالى… حضور المؤمن بين يدي ربه يتم باختياره، واشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “الحج عرفة”، فالحج عبادة جامعة ووسيلة للوحدة الإسلامية العالمية…
فالكعبة هي النقطة المركزية لكل المؤمنين حول العالم، والسر العميق لوحدة الإسلام… لذلك وحدة الإسلامية في الحج هي التجمع حول مركز واحد. ولكن الذين يتخذون من الكعبة قبلة ليسوا هم كل مَن نراهم في المسجد الحرام؛ فهناك عدد هائل من المسلمين خارج الحرم وفي كل مكان على وجه الأرض، فالمسلمون في كل أنحاء العالم يتجهون خمس مرات كل يوم نحو الكعبة لأداء صلواتهم.
لذلك فكما هو مذكور في الكتاب والسنة النبوية الشريفة فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بأداء فريضة الحج، وجعلها واجبة على كل مسلم قادر جسديا وماديا أن يتحمّل كلفة ومشقة الذهاب إلى البيت الحرام، على الأقل لمرة واحدة في حياته. إذ يؤمن المسلمون أن السير في خطى سيدنا إبراهيم وعائلته وإعادة عيش محنتهم، يطهرهم من كل ذنوبهم، قبل أن يعودوا إلى ديارهم أنقياء، مثل اليوم الذي وُلدوا فيه.
لم يكن في الأزمنة السابقة وسائل النقل المتطورة الموجودة في زمننا الحالي، فكان سابقا قبل إدخال اختراع وسائل النقل الحديثة وتبنيها في رحلات الحج، لم يكن لدى سوى عدد قليل من المسلمين القدرة على استكمال هذا الركن الخامس والأخير من الإسلام. فقبل منتصف الخمسينيات، كان عدد الحجاج في الخارج نادرا ما يتجاوز الـ١٠٠ ألف، ولم يكن إنشاء المؤسسات السعودية الحديثة قد اكتمل بعد. ولكن بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحالي، كان العدد الإجمالي للحجاج قد تجاوز حاجز المليونين حاج، ليصل إلى ذروته بتخطيه رقم الـ ٣ ملايين في عام ٢٠١٢.
وبعد تطور العلم والتكنولوجيا الى حد كبير في عصرنا الحالي، فقد جعل النقل الجوي فرصة تأدية الحج أكثر سهولة للحجاج، ومن طرف آخر تشكل ضغوطا هائلة على البنية التحتية في مكة المكرمة. يفقد المئات أرواحهم خلال الكوارث الدورية التي تحدث هناك، بما في ذلك الحرائق وحوادث التدافع المتكررة كل سنة باستمرار، لذلك استثمرت السلطات السعودية مبالغ ضخمة في سعيها المستمر لتحسين مرافق الحج وطريقة إدارة شعائره، حيث يقول منظمو الحج والمرشدون إن مهمة الإشراف على الحج يمكن مقارنتها بمتطلبات تنظيم واستضافة الأولمبياد ولكن بشكل سنوي بدلا من كل أربع سنوات!.
فالمملكة العربية السعودية تُدرك أن سوق السياحة الاسلامية لها دور مهم في الجهود الرامية إلى تنويع الاقتصاد السعودي غير النفطي. وبينما تركز الإستراتيجية في رؤية المملكة العربية السعودية بشكل أساسي على العُمرة (التي يمكن تأديتها في أي وقت خارج موسم الحج وهي ليست فريضة)، فإن الغرض الحقيقي من وراء استثمار المملكة لمليارات الدولارات في النقل والبنية التحتية الأخرى هو مضاعفة عدد الوافدين إلى الحج.