تواطؤ النخب العربية/ يعكس الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، الذي عُقد في جدة بتاريخ 25 أغسطس 2025 برئاسة وزير خارجية الكويت عبدالله اليحيا، حالة تواطؤ النخب العربية و التراخي والعجز المزمن الذي يعتري حكام العرب، ومعهم مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي، في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتصاعد على الشعب الفلسطيني.
هذا الاجتماع، الذي ناقش “الانتهاكات المستمرة” في قطاع غزة و”التطورات الخطرة” للقضية الفلسطينية، ليس سوى حلقة أخرى في سلسلة طويلة من الممارسات الشكلية التي تكشف عن تخاذل القادة العرب وعدم كفاءتهم في التصدي للوحشية الصهيونية، مما يعكس أزمة قيادة عميقة تهدد مصداقية هذه الأنظمة أمام شعوبها.
تواطؤ النخب العربية؛ أزمة القيادة والإرادة!
تواطؤ النخب العربية، الذين يمثلون دولًا تتمتع بثروات هائلة ونفوذ إقليمي، فشلوا بشكل مستمر في توحيد الصفوف واتخاذ مواقف شجاعة ضد الاحتلال الإسرائيلي. الاجتماعات مثل تلك التي عُقدت في جدة تُظهر بوضوح أن القادة العرب يكتفون بالخطابات الرنانة والبيانات الجوفاء التي تتحدث عن “تعزيز المواقف المشتركة” دون أي خطوات عملية ملموسة.
هذا التخاذل يتجلى في عدم قدرتهم على فرض عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية على إسرائيل، أو حتى تقديم دعم حقيقي للشعب الفلسطيني في مواجهة التهجير القسري والقصف الممنهج.
بدلاً من ذلك، يبدو أن أولويات العديد من هؤلاء الحكام تتركز على حماية مصالحهم الشخصية والسلطوية، تاركين القضية الفلسطينية رهينة المصالح الضيقة والتحالفات الدولية.
تناقضات التطبيع: خيانة للقضية الفلسطينية!
من أبرز مظاهر تواطؤ النخب العربية هو انخراط بعض دول مجلس التعاون الخليجي في اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وهي خطوة تتعارض بشكل صارخ مع الخطاب الرسمي الذي يدعي دعم الشعب الفلسطيني.
هذه الدول، التي تُشارك في اجتماعات تدين “المخططات الإسرائيلية”، هي ذاتها التي فتحت أبوابها للتعاون الاقتصادي والأمني مع الكيان الصهيوني. هذا التناقض يكشف عن ازدواجية المعايير التي تتحكم في سياسات الحكام العرب، حيث يتم التضحية بالقضية الفلسطينية على مذبح المصالح السياسية والاقتصادية.
إن استمرار التطبيع يُضعف أي مصداقية محتملة لمنظمة التعاون الإسلامي، ويجعل من “المواقف المشتركة” مجرد شعارات فارغة لا تعكس الواقع.
غياب استراتيجية موحدة: فشل في حماية الأمن الإقليمي!
الاجتماع أشار إلى “الأخطار على الأمن والاستقرار في المنطقة” الناتجة عن السياسات الإسرائيلية، لكنه فشل في تقديم أي استراتيجية موحدة لمواجهة هذه التحديات. الحكام العرب، بموارد دولهم الهائلة، كان بإمكانهم قيادة جهود دولية لمحاسبة إسرائيل في المحافل الدولية، أو تنظيم مقاطعة اقتصادية واسعة النطاق، أو دعم المقاومة الفلسطينية بشكل مباشر.
لكنهم، بدلاً من ذلك، اكتفوا بمناقشات عقيمة لا تتجاوز حدود القاعات المكيفة. هذا الفشل يعكس غياب الإرادة السياسية، ويؤكد أن الحكام العرب أكثر انشغالاً بحماية عروشهم وعلاقاتهم مع القوى الغربية من الدفاع عن قضية مركزية مثل فلسطين.
استغلال القضية الفلسطينية للدعاية!
يُظهر سلوك الحكام العرب في مثل هذه الاجتماعات ميلاً واضحًا لاستغلال القضية الفلسطينية كأداة دعائية لتحسين صورتهم أمام شعوبهم، دون تقديم أي دعم حقيقي.
الكلمات القوية التي تُطلق في الاجتماعات حول “الانتهاكات الإسرائيلية” و”التهجير القسري” لا تُتبع بأفعال تُذكر، مما يثير غضب الشعوب العربية التي ترى في هذا السلوك خيانة لتضحيات الفلسطينيين. هذا الاستغلال السياسي للقضية الفلسطينية يُعمق الفجوة بين الحكام والشعوب، ويُبرز أزمة الشرعية التي تعاني منها الأنظمة العربية.
إن عجز حكام العرب، ومعهم مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي، في مواجهة الوحشية الصهيونية ليس مجرد فشل سياسي، بل هو خيانة للقضية الفلسطينية ولتطلعات الشعوب العربية.
الاجتماعات الشكلية، مثل تلك التي عُقدت في جدة، تُظهر بوضوح أن الحكام العرب يفتقرون إلى الإرادة والشجاعة للتصدي للاحتلال الإسرائيلي، مفضلين مصالحهم الضيقة على حساب دماء ومعاناة الفلسطينيين. إذا استمر هذا النهج، فإن الفجوة بين الحكام والشعوب ستتسع، وسيظل الشعب الفلسطيني يواجه مصيره وحيدًا في ظل صمت القادة العرب وتواطؤهم المخزي.
المصدر: كويت24 + بعض مصادر أخرى