التوازن التكنولوجي الإنساني/ تحت سماء الكويت الصافية، وفي صباح أحد بارد لكنه مشرق، اجتمع قادة وخبراء في قاعة مليئة بالترقب والأسئلة الكبرى. السؤال الذي طرحه الجميع لم يكن تقنياً بحتاً، بل إنسانياً بامتياز: كيف نحافظ على روحنا البشرية في عالم تسيطر عليه الآلات الذكية؟
التوازن التكنولوجي الإنساني
في جولته الثالثة، حمل مؤتمر «كسر الحواجز» عنوانا استفزازياً: «الذكاء الاصطناعي مقابل الذكاء العاطفي» للحصول على التوازن التكنولوجي الإنساني. لم يكن الحدث الذي نظمه المعهد الوطني للقادة مجرد ملتقى تقني آخر، بل كان بمثابة جرس إنذار ودعوة للتأمل: هل نسير نحو مستقبل نفقد فيه إنسانيتنا؟
الرسالة كانت واضحة منذ البداية: التوازن بين التكنولوجيا والبشرية ليس خيارا، بل ضرورة للبقاء.
العمر: الإنسان أولا
افتتح الوزير عمر العمر، وزير الدولة لشؤون الاتصالات، الفعاليات بكلمات جمعت بين الواقعية والتفاؤل. تحدث عن الثورة الرقمية التي تجتاح العالم، وكيف أنها تعيد تشكيل كل شيء: الاقتصاد، التعليم، وحتى طريقة عمل الحكومات.
لكن العمر لم يكن مبهوراً بالتكنولوجيا إلى حد النسيان. قال بنبرة حازمة: مع كل هذا التطور التقني، يجب أن نبقي الإنسان في القلب. الإبداع الحقيقي يأتي من البشر، لا من الخوارزميات.
أوضح الوزير أن الذكاء الاصطناعي بارع في تحليل البيانات والتنبؤ بالأنماط، لكنه يظل أداة ناقصة بدون الذكاء العاطفي – تلك القدرة الإنسانية الفريدة على الفهم والتعاطف واتخاذ قرارات تراعي القيم الإنسانية.
وفي إشارة إلى رؤية الكويت الجديدة 2035، أكد العمر أن الكويت تسير بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد معرفي، لكن بطريقة تضع الإنسان والقيم في المقدمة. التنمية الحقيقية تحدث عندما نعمل معاً، عندما نتشارك المعرفة ونتعلم من بعضنا البعض، قال الوزير.
الخليفي: دعوة للتوازن
من جانبه، قدم محمد الخليفي، الرئيس التنفيذي للمعهد الوطني للقادة، قراءة أعمق للمشهد. تحدث عن كيف أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً من يومياتنا، يغير قواعد اللعبة في عالم الأعمال بسرعة مذهلة.
ولد هذا المؤتمر من قناعة راسخة: نحتاج إلى توازن، قال الخليفي. الذكاء الاصطناعي يمنحنا الدقة والكفاءة، لكن الذكاء العاطفي يمنحنا التعاطف والإلهام. بدون هذا التوازن، نخسر ما يجعلنا بشرا.
أشار إلى أن جلسات المؤتمر، التي قادها خبراء محليون ودوليون، صممت لتطوير نوع جديد من القادة – قادة يفهمون التكنولوجيا لكنهم لا يفقدون بوصلتهم الإنسانية.
المعهد، الذي يعمل تحت مظلة الهيئة العامة للاستثمار، يرى في هذه الفعاليات فرصة لبناء جيل من القادة القادرين على التعامل مع التحولات العالمية دون أن يفقدوا جوهرهم الإنساني.
حين انفض المؤتمر، خرج الحضور وفي أذهانهم فكرة واحدة واضحة: التكنولوجيا ليست عدواً، لكنها ليست بديلاً عن الإنسان. إنها شريك، لكنها تحتاج إلى ترويض وتوجيه.
كان «كسر الحواجز» أكثر من حدث تقني. كان صرخة من أجل قيادة أكثر وعياً وإنسانية في عصر تهيمن عليه الآلات. كان تذكيراً بأن المستقبل لن يُبنى بالخوارزميات وحدها، بل بقلوب تنبض وعقول تفكر وأرواح تحلم.
المصدر: كويت24
