التسريبات النووية الإسرائيلية؛ قراءة في تداعيات “زلزال” الاستخبارات الإيراني!

التسريبات النووية الإسرائيلية؛ قراءة في تداعيات “زلزال” الاستخبارات الإيراني!

التسريبات النووية الإسرائيلية/ في سابقة من نوعها هزت المشهد الاستخباراتي الدولي، أطلقت إيران مؤخراً وثائقياً بعنوان “وكر العنكبوت” كشف النقاب عن واحدة من أكبر العمليات الاستخباراتية التي ادعت أنها نفذتها، وهي الحصول على ما وصفه وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، بـ “الكنز المعلوماتي” من داخل قلب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

تشكل هذه التسريبات النووية الإسرائيلية المزعومة نقطة تحول محتملة في طبيعة الصراع السري بين طهران وتل أبيب، ليقتصر الأمر على تبادل الضربات العسكرية، بل ليمتد إلى حرب معلومات عميقة قد تكون تداعياتها أكثر إيلاماً من الصواريخ نفسها.

فما هي حقيقة هذه التسريبات النووية الإسرائيلية؟ وما الذي يمكن أن تعنيه للمستقبل الاستراتيجي للمنطقة؟

التسريبات النووية الإسرائيلية؛ من التلميح إلى الإعلان في “وكر العنكبوت”

تبدأ القصة في يونيو الماضي، في خضم استعدادات إسرائيلية معلنة لضربة محتملة ضد إيران. في ذلك التوقيت العصيب، خرج وزير الاستخبارات الإيراني ليعلن عن حصول بلاده على معلومات “غاية في الحساسية والأهمية” تتعلق بإسرائيل، مؤجلاً الكشف عن تفاصيلها إلى “وقت قريب”. اليوم، يعتقد مراقبون أن ذلك الوقت قد حان مع بث الوثائقي الذي قدّم ما وصفه خطيب بـ “اختراق معقد ومهني متعدد الطبقات لأعماق خزائن النظام الصهيوني”.

لم تكن هذه مجرد ادعاءات عابرة، بل سُوّقت على أنها التسريبات النووية الإسرائيلية الأكثر شمولاً التي تصل إلى يد دولة معادية.

وبحسب التفاصيل التي سردها الخطيب، فإن هذه التسريبات تضمّنت ملايين الصفحات من المعلومات التي تطال صميم البرنامج النووي الإسرائيلي، الذي تلتزم إسرائيل بشأنه سياسة “الغموض النووي” منذ عقود.

طبيعة الكنز؛ ما داخل التسريبات النووية الإسرائيلية؟

وفقاً للرواية الإيرانية، لا تقتصر التسريبات النووية الإسرائيلية على مجرد وثائق عابرة، بل هي قاعدة بيانات شاملة تمسك بخيوط الشبكة النووية بأكملها. ومن أبرز ما ادعى الخطيب احتواءه:

  • 1. مشاريع التسليح النووي: تفاصيل كاملة عن المشاريع السابقة والحالية، بما فيها عمليات تحديث وإعادة تشغيل لأسلحة نووية قديمة، والمشاريع المشتركة مع الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
  • 2. البنية التحتية البشرية: معلومات “أكيدة كاملة” عن البنية الإدارية والمسؤولين المعنيين بالملف النووي، بالإضافة إلى قوائم بأسماء 189 عالماً وباحثاً وعسكرياً مختصاً، مع تفاصيل عن عناوين عملهم وعلاقاتهم. والأخطر، أن القوائم – بحسب الخطيب – تشمل أسماء علماء أمريكيين وأوروبيين مشاركين.
  • 3. المنشآت الحساسة: معلومات عن مواقع إسرائيلية حساسة ذات استخدام مزدوج، بعضها – كما ذكر – تم استهدافه من قبل إيران خلال حرب الأيام الاثني عشر.

ولإضفاء مصداقية على الادعاء، عرض الوثائقي صوراً لوثائق شخصية قال إنها تخص بعض الأسماء المذكورة، ولقطات زعم أنها التقطت داخل مفاعل ديمونا الجنوبي، القلب النابض للبرنامج النووي الإسرائيلي.

التداعيات؛ زلزال يستهدف نظرية الأمن الإسرائيلي

إذا ما ثبتت مصداقية جزء ولو بسيط من هذه التسريبات النووية الإسرائيلية، فإن التداعيات ستكون أشبه بزلزال حقيقي يستهدف نظرية الأمن الإسرائيلية القائمة على الغموض والردع.

اختراق “القدسية” الأمنية

نجاح استخبارات دولة معادية في اختراق هذا العمق الحساس يهز صورة “المناعة” الأمنية الإسرائيلية التي تروج لها أجهزة مثل الموساد. رسالة إيران واضحة: لا وجود لحصون منيعة.

تفكيك سياسة الغموض النووي

قد تدفع هذه التسريبات إسرائيل إلى مراجعة هذه السياسة جذرياً، خاصة مع كشف أسماء وعناوين ومشاريع كانت طي الكتمان. وهو ما يعني نزع الورقة التوتية الأخيرة عن البرنامج.

تغيير موازين الردع

تمتلك إيران الآن، نظرياً، رصيداً معلوماتياً يمكن استخدامه كأداة ضغط في أي مواجهة قادمة. معرفة العمق النووي والإداري للخصم يمنح ميزة استراتيجية في تحديد أهداف الردع.

الضغط الدولي

قد تفتح هذه التسريبات الباب أمام ضغوط دولية غير مسبوقة على إسرائيل للانضمام إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وفتح منشآتها للتفتيش.

بين التصديق والتشكيك؛ هل اللعبة تستحق كل هذا العناء؟

رغم ضخامة الادعاءات، يظل سؤال المصداقية هو الأبرز. يرى محللون، كما انعكس في تفاعل رواد التواصل الاجتماعي المذكور في النص، أن إيران قد “تبالغ في حجم وطبيعة ما تملكه”. فلو امتلكت هذا الكم الهائل من المعلومات، لماذا تعلن عنه وتنبه الخصم إلى ثغراته؟ الجواب الإيراني قد يكون أن الإعلان نفسه هو جزء من الحرب النفسية والردع.

بينما يرى آخرون أن العرض كان موجهاً للداخل الإيراني أساساً، كرسالة طمأنة على قوة الاستخبارات في ظل تحديات اقتصادية وسياسية.

فتح الصندوق الأسود!

بغض النظر عن درجة صحتها، فإن إيران، من خلال وثائقي “وكر العنكبوت”، قد فتحت صندوق باندورا الخاص بأخطر الملفات في الشرق الأوسط.لقد حولت التسريبات النووية الإسرائيلية من مجرد إشاعات إلى قضية مطروحة على الطاولة، مما يضع إسرائيل في موقف دفاعي غير مريح.

سواءا كانت هذه العملية “اختراقاً تاريخياً” أو “مسرحية دعائية محكمة”، فإنها تؤكد أن ساحة الصراع قد توسعت إلى الفضاء السيبراني وغرف العمقات السرية، حيث تكون ضربة لوحة المفاتيح أحياناً أقوى من ضربة الصاروخ. المعركة القادمة قد لا تكون على الأرض فحسب، بل على أروقة الأسرار التي ظلت مختفية لعقود.

المصدر: كويت24