من حيوية الانتخابات الرئاسية في إيران إلى تدمير الانتخابات في الكويت؛ تحليل معمق
في حين أن الشعب الإيراني يشارك بنشاط في الانتخابات الرئاسية في إيران بقدر كبير من الحماس، نجد أن الوضع في الكويت يعكس حالة من الإحباط والتراجع عن الديمقراطية. يشهد جيران الكويت، وخاصة إيران، نشاطًا انتخابيًا حيويًا ومنافسة شرسة تعكس رغبة الشعب في التغيير والتعبير عن آرائهم، بالرغم من القيود والسيطرة الحكومية على العملية الانتخابية. في المقابل، تبدو الساحة السياسية في الكويت كئيبة ومظلمة بعد تدمير الانتخابات الوحيدة التي كانت تجسد أمل الشعب في المشاركة السياسية.
الانتخابات الرئاسية في إيران و تداعياتها على معنويات الشعب الكويتي
الانتخابات في إيران: نشاط وتحديات
تتميز الانتخابات و خاصا الانتخابات الرئاسية في إيران بنشاط كبير ومشاركة واسعة من قبل المواطنين، على الرغم من وجود قيود صارمة يفرضها النظام السياسي. يجسد هذا النشاط الانتخابي رغبة الإيرانيين في التغيير والتعبير عن آرائهم ضمن الأطر المتاحة لهم. دعونا نلقي نظرة أعمق على ملامح هذه الانتخابات والتحديات التي تواجهها:
1. مشاركة واسعة وحماس شعبي
الانتخابات الرئاسية في إيران غالبًا ما تشهد إقبالًا كبيرًا من الناخبين، سواء في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو المجالس المحلية.
يعبر الإيرانيون عن حماسهم من خلال المشاركة النشطة في الحملات الانتخابية، المناظرات العامة، والنقاشات السياسية، حتى في ظل ظروف اقتصادية وسياسية صعبة.
2.تنوع المرشحين وتعدد الخيارات
رغم القيود المفروضة على من يمكنهم الترشح، فإن هناك تنوعًا نسبيًا في المرشحين، مما يتيح للناخبين الاختيار بين مختلف التيارات السياسية من الإصلاحيين والمحافظين.
هذا التنوع يعزز الشعور بأن المشاركة في الانتخابات الرئاسية في إيران يمكن أن تحدث فرقًا حقيقيًا في المشهد السياسي.
3.القيود والتحديات
تفرض الهيئات الرقابية مثل مجلس صيانة الدستور قيودًا صارمة على من يمكنهم الترشح، مما يستبعد العديد من المرشحين الإصلاحيين أو الذين ينتقدون النظام بشكل مباشر.
بالإضافة إلى ذلك، هناك شكوك واسعة حول نزاهة الانتخابات الرئاسية في إيران، حيث تُتهم السلطات بالتلاعب في النتائج لضمان فوز المرشحين الموالين للنظام.
4.محاولة التغيير من الداخل
بالرغم من القيود والمخاوف المتعلقة بنزاهة الانتخابات الرئاسية في إيران، يشارك العديد من الإيرانيين في العملية الانتخابية كوسيلة لمحاولة تحقيق التغيير من الداخل.
يرى الكثيرون أن المشاركة هي أفضل وسيلة متاحة لهم للتأثير على السياسات العامة ودفع النظام نحو المزيد من الإصلاحات.
5.التداعيات الاجتماعية والسياسية
تساهم الانتخابات الرئاسية في إيران في تحفيز النقاش السياسي والاجتماعي بين المواطنين، مما يعزز الوعي السياسي ويشجع على المطالبة بحقوقهم.
ومع ذلك، فإن الإحباط من القيود المفروضة وعدم الشفافية يمكن أن يؤدي إلى تزايد الاحتقان الاجتماعي واندلاع احتجاجات واسعة.
رغم التحديات والقيود، تظل الانتخابات في إيران نقطة هامة للتفاعل الشعبي ومحاولة التغيير. يعكس الحماس الكبير الذي يظهره الإيرانيون رغبتهم العميقة في المشاركة السياسية والتأثير على مستقبل بلدهم، على أمل أن تؤدي هذه الجهود إلى تحقيق إصلاحات حقيقية على المدى الطويل.
الوضع في الكويت: إحباط وتراجع
تعيش الكويت حالة من الإحباط السياسي بعد إلغاء الانتخابات الوحيدة التي كانت تمثل بصيص أمل للشعب في التعبير عن آرائهم والمشاركة في الحكم. يعكس تدمير الانتخابات هذه حالة من التراجع الديمقراطي والانكماش في الحريات السياسية. لفهم هذا الإحباط بشكل أفضل، دعونا نستعرض الأسباب الرئيسية والتداعيات التي أدت إلى هذا الوضع، مدعومة ببعض الأمثلة.
أسباب الإحباط والتراجع
1.إلغاء الانتخابات النيابية
– في عام 2012، ألغت المحكمة الدستورية الكويتية الانتخابات البرلمانية، التي كانت قد أجريت في فبراير من نفس العام، بسبب ما وصفته بخلل في قانون الانتخابات. هذا القرار أصاب الشعب بالإحباط، حيث ألغى نتائج انتخابات شهدت نسبة مشاركة مرتفعة وأفرزت أغلبية معارضة في البرلمان.
2. تقييد الحريات السياسية
– شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا في قمع النشاط السياسي والمعارضة. على سبيل المثال، تعرض العديد من السياسيين والنشطاء للحبس أو المنع من المشاركة في الحياة السياسية بسبب آرائهم المعارضة للحكومة. هذا التقييد يعزز الشعور بعدم جدوى المشاركة السياسية.
3.التدخل الحكومي في البرلمان
– تواجه الكويت تحديات مستمرة في العلاقة بين الحكومة والبرلمان. تكرر حل البرلمان أكثر من مرة بمرسوم أميري، مما يعطل العمل التشريعي ويعزز الشعور باليأس بين المواطنين. على سبيل المثال، تم حل البرلمان الكويتي في ديسمبر 2020 بعد أشهر قليلة من انتخابه، مما أدى إلى إحباط الناخبين الذين شعروا بأن أصواتهم لا تُحترم.
4.فساد النظام الانتخابي
– يشكو الكثيرون من أن النظام الانتخابي الكويتي يعاني من الفساد والمحسوبية. الانتخابات التي تُجرى تحت هذه الظروف تفقد شرعيتها في أعين الكثير من المواطنين، مما يقلل من ثقتهم في العملية الديمقراطية.
– على سبيل المثال، اتهامات شراء الأصوات والرشاوى الانتخابية كانت شائعة في الانتخابات الماضية، مما يجعل الناخبين يشعرون بعدم نزاهة العملية الانتخابية.
التداعيات المستقبلية
1. تزايد الاحتقان الشعبي
الإحباط الناتج عن إلغاء الانتخابات وتقييد الحريات السياسية قد يؤدي إلى تزايد الاحتقان الشعبي. الشباب، بشكل خاص، يشعرون بالغضب بسبب عدم توفر قنوات للتعبير السياسي أو التأثير في صنع القرار.
قد يؤدي هذا الاحتقان إلى احتجاجات شعبية، مثل تلك التي شهدتها الكويت في السابق، مما يعكس حالة عدم الرضا العام.
2. ضعف الثقة في المؤسسات الحكومية
إلغاء الانتخابات والتدخلات الحكومية المتكررة في البرلمان تضعف الثقة في المؤسسات الحكومية. المواطنون قد يشعرون بأن البرلمان لا يمثلهم وأن القرارات تُتخذ بعيدًا عن إرادتهم.
هذا الشعور باليأس قد يدفع البعض إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، مما يؤدي إلى ضعف التمثيل الشعبي في الحكومة.
3. تأثير سلبي على الاستقرار السياسي
الاستمرار في تقييد الحريات السياسية وإلغاء الانتخابات قد يؤدي إلى عدم استقرار سياسي طويل الأمد. المعارضة التي تُمنع من التعبير قد تلجأ إلى وسائل أخرى لتحقيق أهدافها، مما يزيد من احتمال حدوث اضطرابات سياسية.
على سبيل المثال، الاحتجاجات الشعبية التي وقعت في الكويت عام 2011 خلال الربيع العربي كانت تعبيرًا عن الإحباط من الفساد وغياب الديمقراطية.
الإحباط والتراجع في الكويت يعكسان تحديات كبيرة في مسار الديمقراطية والحريات السياسية. إلغاء الانتخابات وتقييد الحريات يعمقان الشعور باليأس بين المواطنين، ويضعفان الثقة في النظام السياسي. يجب على السلطات الكويتية النظر بجدية في هذه المسائل والعمل على تحقيق إصلاحات حقيقية لضمان استقرار البلاد وتعزيز المشاركة السياسية الفعالة.
أسباب التباين بين النشاط الانتخابي في إيران والتراجع في الكويت
لنفهم بشكل أعمق أسباب التباين بين النشاط الانتخابي الملحوظ في إيران والتراجع السياسي في الكويت، يمكننا النظر في مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والتاريخية التي تؤثر على كل من البلدين. فيما يلي تحليل لهذه الأسباب مع أمثلة توضيحية:
1. النظام السياسي في البلدين
إيران
الهيكل السياسي: النظام السياسي في إيران هو نظام معقد يجمع بين الديمقراطية والسلطة الدينية. رغم وجود مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) الذي ينتخب بشكل مباشر، إلا أن هناك مؤسسات دينية قوية مثل مجلس صيانة الدستور والمرشد الأعلى التي تسيطر على القرارات النهائية.
القيود على الترشح: رغم وجود الانتخابات الرئاسية في إيران، فإن مجلس صيانة الدستور يستبعد العديد من المرشحين الذين لا يتماشىون مع الأيديولوجية الرسمية، ما يحد من التعددية.
الكويت
النظام السياسي: الكويت تمتلك نظامًا ملكيًا دستوريًا حيث يلعب الأمير دورًا رئيسيًا في تعيين الحكومة وحل البرلمان.
التدخل الحكومي: الحكومة لديها سلطة كبيرة في حل البرلمان، وهو ما حدث عدة مرات في السنوات الأخيرة.
مثال: في ديسمبر 2020، تم حل البرلمان الكويتي بعد أشهر قليلة من انتخابه، مما أثار استياء الناخبين الذين شعروا بأن أصواتهم لا تُحترم.
2. التاريخ السياسي والاجتماعي
إيران
الثورة الإسلامية: الثورة الإسلامية عام 1979 كانت نقطة تحول كبرى في السياسة الإيرانية، حيث تم استبدال النظام الملكي بنظام ديني جمهوري. هذه الثورة ما زالت تؤثر على السياسة الإيرانية اليوم، حيث يسعى الشعب باستمرار للتعبير عن آرائهم رغم القيود.
النشاط السياسي: التقاليد الثورية والسياسية في إيران تعزز من حماس الشعب للمشاركة في الانتخابات كوسيلة للتغيير.
الكويت
الإرث البرلماني: البرلمان الكويتي يتمتع بتقاليد قوية في العمل البرلماني والمشاركة السياسية منذ إنشائه عام 1963، ولكن التدخلات الحكومية المتكررة أضعفت هذه التقاليد.
الاحتجاجات: شهدت الكويت موجات من الاحتجاجات، خاصة في عام 2011 خلال الربيع العربي، والتي طالبت بإصلاحات سياسية، ولكن الاستجابة الحكومية كانت محدودة.
3. المشاركة الشعبية والتوقعات
إيران
الإقبال على الانتخابات: رغم القيود، يشارك الإيرانيون بكثافة في الانتخابات لأنهم يرون فيها وسيلة للتأثير على السياسات ومحاولة تحقيق تغييرات تدريجية.
مثال: الانتخابات الرئاسية في إيران لعام 2017 شهدت نسبة مشاركة عالية بلغت حوالي 73%، حيث تنافس حسن روحاني (الإصلاحي) وإبراهيم رئيسي (المحافظ) بشكل حاد.
الكويت
الإحباط الشعبي: إلغاء الانتخابات وتقييد الحريات السياسية قلل من حماس الشعب للمشاركة، مما أدى إلى تراجع نسبة المشاركة وثقة المواطنين في العملية الانتخابية.
مثال: بعد حل البرلمان في 2020، كان هناك إحباط كبير بين الناخبين والشباب الذين يشعرون بأن النظام السياسي لا يعكس تطلعاتهم.
4. القيود والفساد
إيران
الرقابة والقيود: النظام الإيراني يفرض قيودًا على حرية التعبير والانتخابات، مما يحد من التأثير الحقيقي للمشاركة الشعبية، ولكن وجود انتخابات منتظمة يعزز من الشعور بأهمية المشاركة.
مثال: الانتخابات البرلمانية في فبراير 2020 شهدت استبعاد آلاف المرشحين، ولكن الإقبال كان لا يزال ملحوظًا بين الإيرانيين.
الكويت
الفساد السياسي: يتهم النظام الانتخابي الكويتي بالفساد والمحسوبية، مما يضعف الثقة في العملية الديمقراطية.
مثال: في الانتخابات البرلمانية لعام 2016، كانت هناك اتهامات واسعة بشراء الأصوات والتلاعب بالنتائج، مما أضعف ثقة الناخبين.
التباين بين النشاط الانتخابات الرئاسية في إيران والتراجع في الكويت يعود إلى مجموعة معقدة من العوامل السياسية والتاريخية والاجتماعية. بينما يعزز الإيرانيون حماسهم للمشاركة في الانتخابات رغم القيود كوسيلة للتغيير، يشعر الكويتيون بالإحباط بسبب التدخلات الحكومية والفساد وتقييد الحريات السياسية، مما يضعف ثقتهم في العملية الديمقراطية ويقلل من مشاركتهم فيها.
تعد الانتخابات مرآة تعكس حالة الشعوب ورغبتها في التغيير. ففي حين يحتفظ الإيرانيون بآمالهم في التغيير من خلال الانتخابات، يعيش الكويتيون في ظل إحباط كبير بعد تدمير الانتخابات الوحيدة التي كانوا يعولون عليها. يبقى الأمل في أن تشهد المنطقة تحولات إيجابية تعيد للانتخابات مكانتها كأداة أساسية في بناء الديمقراطية وتحقيق العدالة.
المصدر: كويت24