عقوبات لسالم الطويل/ في خطوة حاسمة تعكس التزام دولة الكويت بحفظ الوحدة الوطنية وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف الطوائف والمذاهب، أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية إنهاء خدمات الداعية سالم الطويل من مهام الإمامة والخطابة، بعد ثبوت مخالفته لميثاق المسجد والتعليمات المنظمة.
هذا القرار، الذي جاء استجابة لموجة استياء واسعة داخل الكويت وخارجها، خاصة في سلطنة عمان، يمثل تحولاً بارزاً في مواجهة الخطابات المتطرفة التي تهدد الانسجام الاجتماعي.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل طالبت الوزارة الطويل بإخلاء الوحدة السكنية المخصصة له خلال ثلاثة أشهر من تاريخ 12 أغسطس 2025، مستندة إلى القرار الوزاري رقم 269 لسنة 2023 الخاص بتنظيم الرعاية السكنية لشاغلي الوظائف الدينية.
الكويت لا تتسامح الفتنة!
هذه العقوبات لسالم الطويل تأتي كرد فعل مباشر على سلوكه الذي أثار الفتنة الطائفية، وتشكل نموذجاً لكيفية تعامل الدولة مع التيارات المتشددة التي تحاول زعزعة الاستقرار.
سالم الطويل، الذي كان يشغل منصب خطيب مسجد “صقر الصقر” في منطقة هدية بمحافظة الأحمدي، أصبح محور جدل واسع بسبب هجومه المتكرر على المذهب الإباضي، الذي يمثل الغالبية في سلطنة عمان.
اتهم الطويل هذا المذهب بأنه يحتوي على “ضلالات وأباطيل”، ووصف عقيدته بأنها “عقيدة إلحادية”، كما شن هجوماً عنيفاً في عام 2022 على مفتي السلطنة، واصفاً إياه بـ”الخارجي”.
هذه التصريحات لم تقتصر على المنابر، بل انتشرت عبر موقعه الرسمي، مما أدى إلى موجة استياء واسعة في عمان، حيث طالب كتاب ومغردون عمانيون حكومة الكويت بمحاسبته لحفظ العلاقات بين شعوب الخليج ومنع الفتن الطائفية.
ومع ذلك، لم تكن هذه الإساءات مقتصرة على الإباضية فحسب؛ إذ أن المذهب الذي كان هدفا لهذه الحركات المتطرفة هو الشيعة أيضاً، حيث اشتهر الطويل بمواقفه المتشددة ضد الشيعة، معتبراً إياهم مصدراً للانحرافات العقائدية، مما أثار غضباً داخلياً في الكويت التي تضم مجتمعاً متنوعاً طائفياً.
هذه الإساءات للمذاهب المختلفة، سواء الإباضية أو الشيعية، تكشف عن نمط من الخطاب الذي يغذي الكراهية ويبعد عن جوهر الإسلام الذي يدعو إلى التسامح والوحدة.
4 عقوبات لسالم الطويل بعد اساءته الإباضية!
في سياق تفصيلي، يمكن تلخيص العقوبات لسالم الطويل في أربع نقاط رئيسية تعكس شدة الرد الكويتي على فتنته:
أولاً: إنهاء خدماته في الإمامة، وهو قرار يمنعه من قيادة الصلاة في المساجد، مما يقطع عنه دوراً أساسياً كان يستخدمه لنشر أفكاره المتطرفة.
ثانياً: إنهاء مهامه في الخطابة، حيث كان خطبه تثير الجدل وتؤجج الطائفية، وهذا يعني حرمانه من المنبر الذي استخدمه للهجوم على المذاهب الأخرى.
ثالثاً: مطالبته بإخلاء الوحدة السكنية المخصصة له، وهي عقوبة مادية مباشرة تؤثر على حياته اليومية، مستندة إلى قوانين الرعاية السكنية للعاملين في الوظائف الدينية.
أما الرابعة: فهي العقوبة الاجتماعية والسمعية، حيث أدت هذه القرارات إلى عزلته عن الجمهور الذي كان يدعمه، مع انتشار حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تندد بمواقفه، كما في تغريدات عديدة على منصة إكس تشمت بما أصابه وترى فيه عدلاً إلهياً.
هذه العقوبات لسالم الطويل ليست مجرد إجراءات إدارية، بل رسالة واضحة لكل من يحاول استغلال الدين لزرع الفرقة.
عواقب الاساءات على نمو الكويت
تأثير هذه الإساءات للمذاهب على نمو الكويت يتجاوز الجانب الاجتماعي إلى الاقتصادي والسياسي.
الكويت، كدولة خليجية تعتمد على الاستقرار لجذب الاستثمارات وتعزيز التنمية، تواجه تحديات كبيرة من الطائفية السياسية التي تؤدي إلى عدم الاستقرار.
دراسات حديثة تشير إلى أن الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط، بما في ذلك تلك الناتجة عن خطابات متطرفة مثل تلك التي أطلقها الطويل، تضعف الشرعية السياسية وتحد من النمو الاقتصادي.
على سبيل المثال، في الكويت، أدت محاولات إثارة الفتن الطائفية إلى توتر العلاقات مع دول مجاورة مثل عمان، التي وصفها الدكتور عبد الله سهر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، في مقال له بجريدة “الرأي” بأنها “سلطنة السلام ومرفأ الوئام”، مشدداً على أن عمق العلاقات العمانية-الكويتية هو إرث تاريخي يجب الحفاظ عليه.
كما أن الطائفية تؤثر على الوحدة الداخلية، مما يبطئ من عملية التنمية الاجتماعية والتعليمية، إذ يصبح المجتمع مشغولاً بالصراعات بدلاً من التركيز على البناء والتقدم.
مكافحة التطرف و أساليبه!
أما بالنسبة لكيفية مكافحة التيارات المتشددة، فإن الكويت تقدم نموذجاً متقدماً في هذا المجال. من خلال جهود وزارة الشؤون الإسلامية وغيرها من الجهات الحكومية، تبنت الدولة استراتيجيات شاملة لمنع التطرف العنيف، بما في ذلك تنظيم الخطاب الديني ومراقبة المنابر لضمان عدم انتشار الكراهية.
على سبيل المثال، شاركت الكويت في مؤتمرات دولية مثل مؤتمر “تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وبناء آليات مرنة” الذي عقد تحت رعاية أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حيث تم التركيز على تمكين الشباب ومعالجة الظروف المؤدية إلى التطرف.
كذلك، أطلقت الكويت برامج تدريبية للدعاة لتعزيز قيم التسامح، واستخدمت التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي لمراقبة المحتوى المتطرف على الإنترنت.
في سياق محلي، أدت هذه الجهود إلى إغلاق قنوات إعلامية متورطة في نشر الفتن، كما حدث في حالات سابقة، وتعزيز التشريعات التي تعاقب على الإساءة للمذاهب.
هذه الإجراءات ليست فقط ردود فعل، بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى بناء مجتمع يعتمد على التعايش، خاصة أن المذهب الذي كان هدفا لهذه الحركات المتطرفة هو الشيعة، الذين يشكلون جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعي الكويتي، ويجب حمايتهم من أي محاولات للإثارة الطائفية.
في الختام، العقوبات لسالم الطويل تمثل نقطة تحول في مسيرة الكويت نحو مجتمع أكثر انسجاماً، حيث يتم التعامل مع الفتنة بحزم للحفاظ على الوحدة والنمو.
كما قال الدكتور سهر: “من تعرض لهم بسوء، فقد أساء لنا جميعاً وحاد عن الحق بعيداً”، فإن هذه العقوبات لسالم الطويل ليست نهاية، بل بداية لتعزيز قيم السلام والتسامح في الخليج.
يبقى السؤال: هل ستستمر الكويت في هذا النهج لمواجهة أي تيارات متشددة أخرى، لضمان مستقبل مزدهر خالٍ من الفرقة؟
المصدر: كويت٢٤