انفجار حرب الشوارع في لبنان!/ كيف يُحسم الصراع بين حزب الله والجيش اللبناني؟

انفجار حرب الشوارع في لبنان!/ كيف يُحسم الصراع بين حزب الله والجيش اللبناني؟

في صيف 2025، يقف لبنان على شفا هاوية جديدة، حيث يلوح شبح حرب الشوارع في لبنان كتهديد حقيقي قد يُعيد البلاد إلى أحلك فتراتها.

قرار الحكومة بنانية، برئاسة نواف سلام، بتفويض الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام، أشعل فتيل أزمة داخلية غير مسبوقة.

هذا القرار، الذي وصفه الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بأنه “خطيئة كبرى” و”خدمة للمشروع الصهيوني”، يُنذر بصدام مسلح بين الجيش اللبناني وحزب الله، الذي يُعتبر الدرع الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي.

في هذه المقالة، سنستعرض كيف يمكن أن تنفجر حرب الشوارع في لبنان، ونحلل القوى العسكرية والسياسية لكلا الطرفين، لنستنتج من سيحسم هذا الصراع المحتمل، مع الأخذ في الاعتبار السياق التاريخي والواقع الميداني.

من قرار الحكومة إلى شبح حرب الشوارع في لبنان!

منذ اتفاق وقف إطلاق النار الهش في نوفمبر 2024، الذي أنهى حرباً مدمرة مع إسرائيل أودت بحياة قادة بارزين لحزب الله مثل حسن نصر الله، ظل لبنان يعيش توترات متصاعدة.

إسرائيل خرقت الاتفاق أكثر من 3000 مرة، مما أسفر عن مئات الشهداء، بينما ضغطت الولايات المتحدة عبر مبعوثها برّاك لنزع سلاح حزب الله كشرط لدعم لبنان اقتصادياً.

الحكومة اللبنانية، بدلاً من مواجهة العدو الصهيوني، اختارت الانصياع لهذه الضغوط، موجهةً سلاحها نحو المقاومة بدلاً من الاحتلال.

هذا النهج، الذي يُعتبر خيانة وطنية من قبل أنصار حزب الله، يُمهد لاندلاع حرب الشوارع في لبنان، حيث أعلن قاسم أن الحزب لن يسلم سلاحه وسيخوض “معركة كربلائية” إذا لزم الأمر.

هذا التصعيد يُعيد إلى الأذهان الحرب الأهلية (1975-1990)، لكن هذه المرة، الصراع قد يكون بين مؤسسة الجيش والمقاومة، مع عواقب وخيمة على وحدة البلاد.

مقارنة عسكرية: حزب الله مقابل الجيش اللبناني

لتقييم من سيحسم حرب الشوارع في لبنان، يجب مقارنة القدرات العسكرية للطرفين من حيث العدد، التجهيزات، التدريب، والدعم الشعبي والخارجي.

1. العدد والقوة البشرية

حزب الله

رغم الخسائر الكبيرة في الحرب الأخيرة (2023-2024)، يُقدر عدد مقاتلي حزب الله بحوالي 20,000-50,000 مقاتل نشط، مع احتياطيين قد يصل عددهم إلى عشرات الآلاف.

هؤلاء المقاتلون يتمتعون بالولاء العالي والتماسك التنظيمي، ويعملون تحت قيادة مركزية بقيادة نعيم قاسم.

قاعدتهم الشعبية في المناطق الشيعية، مثل الضاحية الجنوبية والجنوب، تجعلهم قوة مرنة قادرة على حشد الدعم بسرعة في حرب الشوارع في لبنان.

الجيش اللبناني

يضم حوالي 80,000-100,000 جندي، لكنه يعاني من انقسامات طائفية داخلية وانخفاض المعنويات بسبب الأزمة الاقتصادية التي قلصت رواتبهم.

تصنيف Global Firepower لعام 2025 يضعه في المرتبة 115 عالمياً، مما يعكس ضعفه البشري مقارنة بحزب الله، خاصة في مواجهة داخلية قد تؤدي إلى انشقاقات بين الجنود.

2. التجهيزات والأسلحة

حزب الله

يمتلك ترسانة متقدمة رغم الخسائر، تشمل آلاف الصواريخ الدقيقة، أسلحة مضادة للدبابات، طائرات مسيرة، وأنظمة دفاع جوي محدودة.

ميزانيته العسكرية، المدعومة من إيران بحوالي 700 مليون دولار سنوياً، تتيح له الحفاظ على أسلحة خفيفة ومتوسطة مثالية لـ حرب الشوارع في لبنان، حيث تكون الكمائن والصواريخ المحمولة فعالة في المناطق الحضرية.

الجيش اللبناني

يمتلك حوالي 300 دبابة قديمة، مدفعية محدودة، وطائرات هليكوبتر غير كافية، لكنه يفتقر إلى قوة جوية فعالة أو أسلحة متقدمة بسبب العقوبات والأزمة المالية. تجهيزاته التقليدية غير مناسبة للقتال في بيئة حضرية، مما يجعله ضعيفاً في مواجهة حزب الله.

3. التدريب والخبرة

حزب الله

مقاتلوه مدربون على حرب العصابات والقتال في المناطق الحضرية، مع خبرة واسعة من الحروب في سوريا، العراق، واليمن، بالإضافة إلى مواجهة إسرائيل في 2006 و2023-2024.

هذه الخبرة تجعلهم قوة مهيمنة في حرب الشوارع في لبنان، حيث يمكنهم الاندماج مع السكان، تنفيذ كمائن، والسيطرة على المناطق الحيوية.

الجيش اللبناني

يعاني من نقص في التدريب الحديث بسبب الأزمة الاقتصادية، وخبرته تقتصر على العمليات الأمنية الداخلية البسيطة. تاريخه يُظهر تردداً في مواجهة إسرائيل (كما في 1982 و2006)، مما يعكس ضعف استعداداته لصراع داخلي مع قوة متمرسة مثل حزب الله.

4. الدعم والمعنويات

حزب الله

يتمتع بدعم إيراني مالي وعسكري مستمر، بالإضافة إلى قاعدة شعبية قوية في المناطق الشيعية. تصريحات قاسم في أغسطس 2025 تؤكد عزمهم على الدفاع عن السلاح، مما يعزز معنويات مقاتليه.

الجيش اللبناني

يعتمد على مساعدات أمريكية وأوروبية محدودة، لكنه يعاني من انخفاض المعنويات بسبب الأزمة الاقتصادية والانقسامات الطائفية، مما قد يؤدي إلى انشقاقات في حالة الصدام.

 

لماذا ستُحسم حرب الشوارع لصالح حزب الله؟

بناءً على المقارنة أعلاه، يتُضح أن حرب الشوارع في لبنان ستكون محسومة لصالح حزب الله بشكل ساحق.

الجيش اللبناني، رغم تفوقه العددي، يعاني من نقص التدريب، التجهيزات القديمة، والانقسامات الداخلية، مما يجعله غير قادر على مواجهة قوة متمرسة مثل حزب الله.

تاريخياً، أظهر الجيش تردداً في مواجهة إسرائيل، مفضلاً الحياد أو الاستسلام، كما حدث في غزو 1982 وحرب 2006، حيث ترك المقاومة تواجه العدو وحدها.

هذا التاريخ يُشير إلى أن الجيش قد يختار التراجع أو الاستسلام في مواجهة داخلية، خاصة في ظل الضغوط الطائفية التي قد تؤدي إلى انشقاق جنود من طوائف معينة.

في المقابل، حزب الله يمتلك تفوقاً نوعياً في التدريب والأسلحة المناسبة لحرب العصابات. خبرته في القتال الحضري، كما أظهر في سوريا وفي مواجهة إسرائيل، تجعله قادراً على السيطرة على المناطق الحيوية في بيروت، الجنوب، والبقاع.

في حرب الشوارع في لبنان، يمكن لحزب الله استغلال تضاريس المدن، تنفيذ كمائن، والاعتماد على دعم شعبي يُصعب على الجيش اختراقه.

علاوة على ذلك، الدعم الإيراني يضمن استمرارية إمداداته، بينما الجيش يعتمد على مساعدات غربية مشروطة قد تتوقف إذا تصاعد الصراع.

العواقب: كارثة وطنية واستفادة صهيونية

إذا اندلعت حرب الشوارع في لبنان، فإن النتيجة لن تكون مجرد هزيمة الجيش، بل كارثة وطنية تعيد لبنان إلى فوضى الحرب الأهلية السابقة.

الجيش، بضعفه وتاريخه في الاستسلام أمام إسرائيل، سيجد نفسه عاجزاً أمام مقاومة متمرسة، وقد ينهار تحت ضغط الانقسامات الداخلية.

في المقابل، فوز حزب الله، رغم أنه محتمل عسكرياً، لن يكون انتصاراً بلا ثمن، إذ سيؤدي إلى تعميق الانقسامات الطائفية وإضعاف الدولة اللبنانية.

الخاسر الأكبر سيكون الشعب اللبناني، بينما العدو الصهيوني سيستفيد من إضعاف لبنان داخلياً، مما يُسهل خرق سيادته واستمرار اعتداءاته.

ضرورة تفادي الحرب

إن اندلاع حرب الشوارع في لبنان بين حزب الله والجيش اللبناني سيكون كارثة لا طائل منها سوى خدمة الأجندات الصهيونية.

حزب الله، بفضل تفوقه العسكري وخبرته القتالية، سيحسم الصراع بسهولة، لكن الثمن سيكون دماراً وطنياً وانقساماً لا يُمكن إصلاحه.

الحل الوحيد يكمن في تراجع الحكومة عن قرارها الأحمق، والعودة إلى طاولة الحوار لتوحيد الجهود ضد العدو الحقيقي: الاحتلال الإسرائيلي.

الشعب اللبناني، الذي عانى من الحروب والأزمات، يستحق قيادة وطنية تُعيد بناء الثقة بدلاً من إشعال فتيل الحرب الداخلية. التاريخ يعلمنا أن الوحدة هي القوة، وأن الاستسلام للضغوط الخارجية لن يجلب سوى الخراب.

المصدر: كويت٢٤