رياضة عربية

اقتصاد مواجهة عاصفة هوجاء ممتدة "3 من 3" علينا الآن إعادة توجيه التمويل العام، إلى جانب الأموال الخيرية حيثما أمكن، نحو تعبئة الاستثمار الخاص لتلبية احتياجات المشاعات العالمية. وسيتعين على …

علينا الآن إعادة توجيه التمويل العام، إلى جانب الأموال الخيرية حيثما أمكن، نحو تعبئة الاستثمار الخاص لتلبية احتياجات المشاعات العالمية. وسيتعين على العالم استثمار ما يراوح بين 100 و150 تريليون دولار تقريبا على مدار الـ30 عاما المقبلة للوصول بصافي انبعاثات الكربون إلى الصفر. وقد تبدو تلك مهمة صعبة. غير أن التكلفة السنوية التي تراوح بين ثلاثة وخمسة تريليونات دولار لا تشكل نسبة كبيرة في أسواق رأس المال العالمية التي يبلغ حجمها 100 تريليون دولار، وتنمو بما يعادل هذا المبلغ تقريبا كل عام.

ولا يوجد نقص في التمويل الخاص وتمويل السوق. غير أن توجيهه لتلبية احتياجات المشاعات يتطلب وجود قطاع عام يعمل على نحو استباقي، وأطر جيدة التصميم لاقتسام المخاطر مع القطاع الخاص. إن السياسات والمعايير الخاصة بالتوسع السريع في نشر تكنولوجيات الطاقة النظيفة التي أثبتت جدواها بالفعل، وتحفيز الاستثمارات واسعة النطاق في البنية التحتية، مثل شبكات النقل والتوزيع الذكية، ستكون ضرورية لتحقيق تخفيضات كبيرة في الانبعاثات بحلول 2030. ومع ذلك فإن نحو نصف التكنولوجيات اللازمة للوصول بصافي انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول منتصف القرن الحالي لا يزال يجري إعداد النموذج الأولي لها. ويجب على الحكومات أن تكون لها مصلحة في هذه العملية للاستفادة من دور القطاع الخاص في أنشطة البحث والتطوير، وتشجيع المشاريع التوضيحية، للتعجيل بتطوير هذه التكنولوجيات وطرحها في السوق. وإلى جانب الوصول بصافي انبعاثات الكربون إلى الصفر في الوقت المحدد، ينبغي أن تهدف هذه التكنولوجيات إلى تحفيز الصناعات الجديدة الرئيسة وفرص العمل. ولا يمكننا مواجهة تحديات هذه الحقبة الجديدة دون زيادة فاعلية الجهود متعددة الأطراف.

وعادة ما تكون العائدات الاجتماعية لحماية المشاعات العالمية أكبر بكثير من العائدات الخاصة، ما يشكل حجة قوية تدعو القطاع العام إلى اقتسام المخاطر مع مستثمري القطاع الخاص. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك تطوير وإنتاج لقاحات مضادة للجائحة المقبلة على نطاق واسع. ومن شأن إطلاق مشروع لتحصين سكان العالم حتى قبل ستة أشهر أن يوفر تريليونات الدولارات وينقذ أرواحا لا حصر لها.

وحول تفعيل تعددية الأطراف فإنه مع ذلك، لا يمكننا مواجهة تحديات هذه الحقبة الجديدة دون زيادة فاعلية الجهود متعددة الأطراف. ويحدد تقرير أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة جدول أعمالنا المشترك، رؤية جريئة وذات مصداقية للجهود متعددة الأطراف، وهي رؤية أكثر شمولا لأصوات مختلفة، تقوم على تعزيز الروابط بين الأطراف، وتحقيق النتائج بمزيد من الفاعلية وبالتالي زيادة الثقة بهذه الجهود.

اقرأ ايضاً
تشافي: سأرحل وأعود إلى بيتي عندما يتحقق شرط وحيد

ولا يتطلب الأمر إعادة بناء العمل متعدد الأطراف قلبا وقالبا أو بناء مؤسسات جديدة بالكامل. لكن علينا القيام بتحرك عاجل لإعادة توجيه المؤسسات القائمة لعصر جديد، وابتكار آليات جديدة للتعاون الشبكي بين المؤسسات متعددة الأطراف والمؤسسات الأخرى، بما في ذلك المؤسسات غير الحكومية، وتجميع الموارد بطرق يمكن أن تحقق المصالح الجماعية والمصالح الذاتية للدول بمزيد من الفاعلية.

أولا، نحن بحاجة إلى فكر جديد بشأن المشاعات العالمية. ويجب أن ننظر إلى الأموال التي يتم إنفاقها على تقوية هذه المشاعات، ليس باعتبارها مساعدة لبقية العالم، بل باعتبارها استثمارا يفيد الدول الغنية والفقيرة باستمرار. وكما أوضح الفريق المستقل رفيع المستوى التابع لمجموعة العشرين المعني بتمويل التأمين ضد الجوائح، فإن الاستثمار الدولي الإضافي المطلوب لسد ثغرات التأهب العالمية الرئيسة، مع التوزيع العادل للمساهمات بين الدول، لن يكون في متناول الجميع فحسب، بل سيمكننا أيضا من تجنب التكاليف التي قد تكون أكبر بمئات المرات إذا ما فشلنا في العمل معا لمنع حدوث جائحة أخرى. إن العزوف منذ وقت طويل عن الاستثمار الجماعي في التأهب للجوائح يعكس قصر النظر السياسي والافتقار إلى الحيطة المالية، وهو ما يجب أن نتغلب عليه على وجه السرعة.

ثانيا، علينا إعادة تحديد الغرض من مؤسستي بريتون وودز. فقد تم إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ نحو 80 عاما للمساعدة على حل المشكلات التي تواجهها الدول؛ كل على حدة، في وقت كانت فيه معظم الأسواق المالية صغيرة وغير مترابطة. ويجب تحديث مهام تلك المؤسسات لمواكبة عصر أصبحت فيه الأزمات المالية ذات طبيعة عالمية غالبا، ويشكل فيه تدهور المشاعات العالمية تحديا اقتصاديا متزايدا لجميع الدول، خاصة في العالم النامي.

*نقلا عن صحيفة “الاقتصادية”.

منبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى