لم تغرِ نجاحات النجوم ذوي الأصول السورينامية مع المنتخب الهولندي، سيرجينيو ديست لتمثيل منتخب الأراضي المنخفضة، فاتبع اختيار “قلبه” ودافع عن ألوان أميركا حتى أصبح أحد أبرز النجوم الواعدين بالفريق الذي سيخوض منافسات كأس العالم بعد أقل من شهرين.
ويتواجد ديست ضمن قائمة المنتخب الأميركي الذي سيلاقي نظيره السعودي ضمن استعدادات الفريقين للمسابقة العالمية، مساء الثلاثاء بمدينة مورسيا الإسبانية.
وديست هو الابن الوحيد لأب أميركي – سورينامي وأم هولندية، فسورينام هي دولة تقع في شمال أميركا الجنوبية، وهي الأصغر من حيث المساحة وعدد السكان في القارة بأكملها والبلد الوحيد النطاق بالهولندية لأنها كانت تتبع الممكلة الهولندية حتى نالت استقلالها عام 1975.
تُنسب تسميتها إلى قبائل “سورين” السكان الأصليين للبلاد قبل إبعادهم في القرن السادس عشر من الهنود الأميركيين.
وعاش ديست طفولة هانئة في مدينة آلميره الهولندية، وكان ينعم بجميع الألعاب التي يطلبها، والفضل لذلك يعود إلى وظيفة والده الحكومية التي سهلّت عليه سنواته الأولى، فوالداه كانا محبين لكرة القدم لذلك دعما بداية ممارسته للعبة وأدخلاه وهو ابن تسعة أعوام إلى أكاديمية فريق المدينة المحلي لكرة القدم.
ويتذكر ديست كيف وقع في حب كرة القدم للمرة الأولى خلال حديثه مع موقع ‘soccer bible’: كنت صغيرًا جدًا، حينما كنت في الدرسة كنت ألعب كرة القدم دائمًا، في يوم ما وحينما أنهينا يومنا الدراسي ذهبت مع أصدقائي للمنزل، حينها أخبرتني أمي أنه بإمكاننا لعب كرة القدم على مستوى حقيقي في أكاديمية المدينة، قلت لها: رائع! أريد هذا.
وتابع: ذهب صديقي معي خلال الحصة التدريبية الأولى، ومنذ ذلك الحين لم أستطع التوقف عن ممارسة اللعبة، وها أنا الآن.
لعب ديست من 2009 وحتى 2012 في آلميره، ثم انتقل إلى أياكس ولعب مع فرق الشباب حتى 2018، بعدها قضى موسمًا وحيدًا مع الفريق الأول قبل الانتقال إلى برشلونة ومنه إلى ميلان.
وكان يحق لديست تمثيل المنتخب الهولندي بسبب جنسية والدته، والسير على نهج العديد من النجوم ذوي الأصول السورينامية الذين تألقوا بالقميص البرتقالي أمثال خوليت وريكارد وديفيدز وسيدورف وفينالدوم وغيرهم، لكنه فضّل التواجد مع المنتخب الأميركي والدفاع عن ألوانه.
ويقول ديست خلال حديثٍ لـ “إي إس بي إن” عن قراره: الجميع يريدك حينما تبلي حسنًا، لكن المنتخب الأميركي ساعدني حينما لم تكن الأمور تسير بشكل جيد، أنا ممتن لهم، وربما لو لم يساعدوني خلال المراحل السنية المختلفة لم أكن لأتواجد هنا، لم أكن لألعب مع أياكس من الأساس.
وتابع: في كل مرة كنت لا أصل لمرحلة الاختيار النهائي للمنتخبات السنية في هولندا، كان أبي ذكرني أنني أمتلك الجواز الأميركي أيضًا، أتذكر دومًا هؤلاء من ضحكوا عليّ حينما أخبرتهم أنني سأصل إلى مراحل مميزة في مسيرتي الكروية، الآن أنا هنا وهم من يحاولون كسب مودتي، لكنني أعرف تمامًا من كان معي خلال أوقاتي الصعبة.
وأتم: قلبي أخبرني أن تمثيل المنتخب الأميركي هو القرار الأفضل لي، نشأت في هولندا وأحبها، لكن في الحياة عليك اتخاذ بعض القرارات الصعبة، أميركا أشعرتني أنها بيتي.
وخاض ديست أولى مبارياته مع أميركا في سبتمبر 2019 بعمر 18 عامًا و10 أشهر، إذ شارك لـ68 دقيقة في الخسارة من المكسيك بثلاثة أهداف دون رد.
ومع بداية موسم 2020-2021، أصبح ديست أول لاعب أميركي في التاريخ يمثّل برشلونة، وخامس أميركي يلعب في الدوري الإسباني.
وسلط موقع “لا ليغا” الضوء على جوانب مختلفة في حياة لاعب أياكس السابق وذكر أن ديست يفضل القرع على الطبول خلال وقت فراغه، وأنه شوهد أكثر من مرة يلعب مع فرقة موسيقية في شوارع العاصمة الهولندية أمستردام، وأشار موقع ميلان وهو يقدم لاعبه الجديد في بداية الموسم الحالي أن مغني “الراب” دريك هو نجم ديست المفضل في عالم الموسيقى.
وارتدى ديست ألوان برشلونة مقابل 21 مليون يورو وبعقد يمتد إلى خمسة مواسم قادمًا من أياكس، وقال خلال حديث مع”NOS” الهولندية حول لقائه الأول مع ليونيل ميسي: ميسي لا يتحدث الإنجليزية، لكن كان أمرًا خاصًا بالطبع أن ألتقي به.
وأضاف: حتى أكون صادقًا، لا أعلم ما الذي قاله ميسي لي، لكننا كنا نبتسم، إذن أعتقد أنه قال أشياء جيدة، أليس كذلك؟
وشارك ديست رفقة ميسي بقميص برشلونة خلال 37 مباراة بجميع المسابقات، فازا بـ21 منها وتعادلا 7 مرات، وتجرّعا تسع هزائم، ومرر ليو تمريرة حاسمة لزميله الأميركي خلال الفوز على ريال سوسييداد بستة أهداف لهدف بـ “الليغا”.
وخلال الحوار ذاته كشف ديست عن سبب تفضيله الانتقال لبرشلونة قائلًأ: لاعبي المفضل وقدوتي ومثلي الأعلى رونالدينيو لعب لبرشلونة وصنع تاريخًا مع الفريق، حينما علمت أن برشلونة مهتم بضمّي، كان اتخاذ القرار سهلًا.
وتحدث ديف فان دن بيرغ المدرب المساعد لمنتخب أميركا تحت 20 عامًا عن أسلوب ديست في الملعب خلال حديثه مع الغارديان البريطانية: يمكنه أن يصيبك بنوبة قلبية حينما يقرر المراوغة في مساحات ضيفة من منتصف ملعبه.
وأردف: ينجح في المراوغة خلال 99 مرة من أصل 100، ولا نريده أن يكفّ عن هذا، أعتقد أن هذا ما يميزه.
وسدد ديست على أن نصيحة ذهبية من أحد أصدقائه هي من تجعله يلعب بدون توتر أو الإحساس بالضغوطات ما يساعده على المراوغة، وقال لـ “إي أي بي إن”: هناك فتى كنت ألعب الكرة معه بالشارع، وقال لي يومًا: لا يجب عليك أن تتوتر بسرعة، لأنه إذا شعرت بالتوتر ستقوم بأشياء غريبة داخل الملعب.
وختم: حتى وقتنا هذا إذا قام المنافس بالضغط عليّ من أجل أن يخطف الكرة، أفكر في مقولته على الفور، لذلك أستطيع أن أقوم بالتصرف الصائب.
