عاجلکویت

العلاقات بين الصين والدول العربية: نموذج يحتذى به للعلاقات الدولية والتعاون بين الدول النامية .. بقلم السفير الصيني تشانغ جيانوي

دخلت الصين حقبة جديدة منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012، فقد حققت خلال السنوات العشر الماضية إنجازات تاريخية في الإصلاح والانفتاح والتحديث، وقامت بالتبادلات الودية والتعاون الصادق مع دول العالم، بما في ذلك الكويت، وتعمل بنشاط على تعزيز بناء مجتمع لمستقبل مشترك للبشرية، وتقديم مساهمات مهمة للسلام والتنمية في العالم.
وفي هذا السياق، سينشر سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الكويت تشانغ جيانوي سلسلة من المقالات تحت «الصين: عقد من التطورات» ليعرف الأصدقاء الكويتيون تجارب الصين في التنمية والتبادل الخارجي والتعاون الدولي وغيرها من مختلف المجالات، وذلك من أجل تعميق فهم الجميع للصين في العصر الجديد.

تضرب جذور الصداقة بين الصين والدول العربية في أعماق التاريخ، رغم ما يفصلهما من جبال ومحيطات، إلا أنهما يتبادلان الإخلاص في تعاملهما مع بعضهما البعض، ونشأت الصداقة بينهما عبر طريق الحرير القديم، وقد تشاركا في السراء والضراء في النضال من أجل الاستقلال الوطني، وعملتا على بناء الوطن بالتضامن والتساند، ويحتل السلام والتعاون، الانفتاح والتسامح، التعلم والاستفادة والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك مكانة رئيسية للتعاملات بين الصين والدول العربية.

من أبرز الأقوال عن الصداقة: «الأصدقاء الحقيقيون يصعب إيجادهم، يصعب تركهم، ويستحيل نسيانهم». في وجه جائحة فيروس كورونا المستجد والتغيرات غير المسبوقة منذ مائة سنة، تتطور العلاقات بين الصين والدول العربية باستمرار، وتواجه معا أوجه عدم اليقين بصلابة واستقرار، لتصبح نموذجا للعلاقات الدولية والتعاون بين دول الجنوب. تدعم الصين بثبات حل مشاكل الأمن للمنطقة عبر التعاون والتنسيق بين الدول العربية، وتدعم بنشاط القضية العادلة للشعب الفلسطيني، وتطرح مبادرة لبناء منصة حوار متعددة الأطراف في منطقة الخليج، وتشجع دول المنطقة على بلورة التوافق عبر الحوار. في العام الماضي، طرح الجانب الصيني المبادرة ذات النقاط الخمس بشأن تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وهي التي تتمثل في الدعوة إلى الاحترام المتبادل، والالتزام بالإنصاف والعدالة، وتحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، والعمل معا على تحقيق الأمن الجماعي، وتسريع وتيرة التنمية والتعاون. كما قدمت الدول العربية دعما ثمينا للصين بخطواتها الملموسة. وفي وجه قيام فرادى الدول بتلفيق وافتعال ما يسمى بمسألة شينجيانغ ومسألة حقوق الإنسان ومسألة تتبع منشأ فيروس كورونا المستجد، تتمسك الدول العربية بموقف موضوعي وعادل، وشاركت بنشاط ولمرات عديدة في التوقيع على البيانات المشتركة الداعمة للصين في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومؤتمر الصحة العالمية والمناسبات الأخرى، بما يحشد الزخم القوي للدفاع المشترك عن مبادئ تعددية الأطراف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. في إبريل الماضي، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرة الأمن العالمي، حيث تستعد الصين مع الدول العربية لإيجاد مسار الأمن الجديد، بما يدفع بناء الهيكل الأمني المتوازن والفعال والمستدام على أساس الالتزام بالمفهوم الجديد للأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام.

اقرأ ايضاً
«المواصلات»: البدل النقدي لـ 2012 موظفاً في حساباتهم قريباً

تعمل الصين والدول العربية بنشاط على تعزيز المواءمة بين مفاهيم التنمية، ودفع الارتقاء بجودة ومستوى التعاون الثنائي العملي. لقد وقعت الصين وثائق التعاون بشأن التشارك في بناء «الحزام والطريق» مع 19 دولة عربية بما فيها الكويت وجامعة الدول العربية. في السنوات الأخيرة، تتقدم المشاريع ذات الأولوية بشكل مطرد بما فيها مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، ومشروع المنطقة النموذجية الصينية – الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية، ومشروع تخزين الطاقة بالمدينة الجديدة على البحر الأحمر السعودي، ومشروع سكة حديد مدينة العاشر من رمضان في مصر. في الكويت، أتى مشروع مدينة المطلاع السكنية، ومشروع مصفاة الزور وغيرهما من المشروعات الحيوية بثمار جديدة في البناء المشترك لـ «الحزام والطريق» بين الصين والكويت. وظلت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة، وقد بلغ حجم التبادل التجاري الثنائي بين الصين والدول العربية 330 مليار دولار، بزيادة 110 مليارات دولار في السنوات العشر الماضية، واستوردت الصين 265 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية عام 2021، وهو ما يمثل 51.6% من إجمالي واردات الصين النفطية في ذلك العام. طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ في سبتمبر عام 2021 مبادرة التنمية العالمية، ولاقت هذه المبادرة تجاوبا إيجابيا من الدول العربية، حيث أيدت مصر والسعودية والجزائر والإمارات وقطر والمغرب وغيرها من الدول العربية بوضوح هذه المبادرة.

في المستقبل، تستعد الصين للعمل مع الجانب العربي معا لمواصلة توسيع حجم التجارة الثنائية، والارتقاء بمستوى تيسير التجارة والاستثمار ثنائي الاتجاه، والاستمرار في تحسين هيكل التجارة الثنائية، وتحقيق أقصى فائدة من القدرات الإنتاجية الصينية، وتعزيز المرونة الصناعية والتعاون في السلاسل الصناعية وسلاسل الامداد، بما يساعد الدول العربية على خلق الصناعات المتفوقة، وتعزيز التعاون في بناء البنية التحتية مثل السكك الحديدية والمطارات والموانئ والمستشفيات، ليتحسن مستوى معيشة الناس باستمرار.

مهما كانت تغيرات الأوضاع الدولية ومهما كانت الصعوبات والعقبات، ستستمر الصين في تعزيز التواصل مع الدول العربية من حيث الاستراتيجيات والممارسات، ودفع بناء «الحزام والطريق» يدا بيد، والعمل معا على صيانة الاستقرار في المنطقة، والدفاع عن العدالة والإنصاف، وتعزيز التنمية المشتركة.

ستعقد القمة العربية – الصينية الأولى هذا العام، ويتطلع الجانب الصين إلى التشاور في خطة التنمية ورسم خطة التعاون مع الجانب العربي، للمساهمة في تنشيط قضية التنمية العالمية وبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

مصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى