لقد مر عام منذ تصاعد الأزمة الأوكرانية بشكل شامل، وهو الأمر الذي بات محل اهتمام دولي. وقد نشرت الصين مؤخرا ورقة بعنوان: «الموقف الصيني من حل الأزمة الأوكرانية سياسيا»، والتي تقدم فيها الحكمة والحلول الصينية للحل السياسي للأزمة الأوكرانية، مما يضخ المزيد من الاستقرار واليقين في العالم المضطرب.
إن احترام سيادة الدول كافة ونبذ عقلية الحرب الباردة من المبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها في دفع الحل السياسي للأزمة.
منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية طرح الرئيس شي جينبينغ «الضرورات الأربع»، ودعا إلى بذل الجهود المشتركة في أربعة مجالات وطرح ثلاث ملاحظات حول الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي يوضح المسار الصحيح لحل الأزمة الأوكرانية سياسيا.
تؤمن الصين دائما بضرورة احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول، وتدعو إلى الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والاهتمام بالهموم الأمنية المعقولة لكل الدول، ودعم جميع الاجراءات التي تساهم في تخفيف الأزمة الأوكرانية. إن القضية الأوكرانية ليست فقط نتيجة للتراكم طويل الأمد للتناقضات الأمنية في أوروبا، ولكنها أيضا نتيجة لعقلية الحرب الباردة والمجابهة بين الكتل. لطالما حددت الصين موقفها وسياستها على أساس حقيقة الأوضاع، فالصين تصدر أحكاما مستقلة، وتعمل مع المجتمع الدولي لمعالجة هموم جميع الأطراف والسعي لتحقيق الأمن المشترك.
إن وقف القتال ومنع الصراع وإطلاق مفاوضات السلام تمثل أولوية قصوى، وشروطا ضرورية لحل سلسلة من المسائل الأخرى.
يمثل الحوار والتفاوض طريقا وحيدا يمكن سلوكه لحل الأزمة الأوكرانية. في «ورقة مفاهيم مبادرة الأمن العالمي» اقترحت الصين أيضا طرق دعم التسوية السياسية للقضايا الساخنة مثل الأزمة الأوكرانية من خلال الحوار والتفاوض. ودعت إلى مفهوم أمني مشترك وشامل وتعاوني ومستدام، وأكدت أنه لا يجوز السعي إلى الأمن القومي لدولة ما على حساب الأمن القومي للدول الأخرى، ولا يجوز ضمان أمن المنطقة من خلال تقوية كتل عسكرية وتوسيعها. تشجع الصين الأطراف المعنية على الدخول في حوار على قدم المساواة، والتمسك بمبدأ «الأمن غير القابل للتجزئة»، والسعي الى بناء آلية أمنية متوازنة وفعالة ومستدامة. ينبغي للمجتمع الدولي أن يساعد أطراف الصراع على فتح الباب أمام الحل السياسي للأزمة في أسرع وقت ممكن، وتهيئة الظروف المواتية وتقديم منصات لاستئناف المفاوضات.
إن الاستجابة الفعالة والصحيحة للقضايا الإنسانية، والسيطرة على تداعيات الأزمة هي ضمانة قوية لحل سياسي للأزمة.
تتمسك الصين دائما بمبادئ الحياد والعدالة للعمليات الإنسانية وتجنب تسييس القضية الإنسانية، ويجب تشجيع ودعم جميع الإجراءات التي تساعد على تخفيف الأزمات الإنسانية، وحماية المدنيين والأسرى. تعارض الصين بشدة الهجمات المسلحة على المحطات النووية وغيرها من المنشآت النووية للأغراض السلمية، وتعارض دائما استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها، وتمنع الانتشار النووي، تفاديا لحدوث أزمة نووية، وتعارض تطوير واستخدام أسلحة كيميائية وبيولوجية من قبل أي دولة تحت أي ظرف من الظروف. إن أزمة الغذاء والطاقة الحالية التي تواجه العالم ليست مشكلة إنتاج وطلب، ولكنها مشكلة في سلسلة التوريد وتعطيل التعاون الدولي. إن العقوبات الأحادية والضغوط القصوى التي تفرضها الأطراف المعنية لا تؤدي إلى عرقلة حل المشكلة فحسب، بل تقوض أيضا استقرار سلاسل التصنيع والإمداد العالمية، وتؤدي إلى تفاقم أزمات عالمية للغذاء والطاقة والتمويل. يجب على الدول المعنية أن تكف عن فرض العقوبات الأحادية الجانب، أو ممارسة «الاختصاص الطويل الذراع» على الدول الأخرى بشكل عشوائي، ويجب عليها أن تلعب دورا في تهدئة الأزمة الأوكرانية، وتهيئة الظروف للبلدان النامية لتنمية اقتصاداتها وتحسين معيشة شعوبها، والحفاظ على زخم الانتعاش الاقتصادي العالمي. في الوقت نفسه، ترغب الصين في تقديم المساعدة والقيام بدور بناء في إعادة إعمار مناطق الصراع في مرحلة ما بعد النزاع، من أجل تعزيز السلام والاستقرار ورفاهية الشعب في المنطقة.
إن بناء عالم أكثر أمانا هو رغبة ملحة لجميع شعوب دول العالم، وهو المسؤولية المشتركة لبلدان العالم بأسرها، والاتجاه الصحيح لتطور العصر. على الرغم من أن الصين ليست طرفا في الأزمة الأوكرانية، إلا أنها دائما تعمل على دفع المجتمع الدولي الى بلورة قوة مشتركة ولعب دور بناء في حل الأزمة الأوكرانية، ومما لا شك فيه أن الموقف الصيني سيصمد أمام اختبار التاريخ.