مدير عمليات “كويت سات 1”: القمر ينطلق من فلوريدا والزمن المقدر لوصول أولى رسائله 4 ساعات
ينطلق القمر الاصطناعي الكويتي الأول (كويت سات 1) على متن صاروخ فضائي من منصة “space x” بفلوريدا بعد غد الثلاثاء لتنطلق معه آمال أبناء وبنات الكويت المشاركين في المشروع الوطني الخاص به وهم في انتظار أول رسالة منه بعد نحو 4 ساعات من إطلاقه فبعدها سيكونون قد وضعوا رسميا أول بصمة كويتية في الفضاء الذي يعج بآلاف الأقمار.
تنطوي عملية الإطلاق وتوصيل القمر الكويتي إلى مداره على تفاصيل دقيقة وضحها مدير العمليات بالمشروع الوطني للقمر الاصطناعي الأول الدكتور أحمد الكندري لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأحد فعندما يصل الصاروخ إلى المدار المحدد للقمر الكويتي سينفصل القمر عنه ليفتح أجنحة مزودة بخلايا شمسية تمد بطاريته بالطاقة اللازمة لتشغيل أنظمته وقيامه بكل مهماته.
وبعد نحو 4 ساعات ودقيقتين من الإطلاق بحسب الدكتور الكندري “يرسل القمر أول إشارة للمحطة الأرضية في جامعة الكويت وهي إشارة تشمل نسبة البطارية وبيانات متعلقة بصحة جاهزية أنظمته وأجهزته بعدها يبدأ العمل في المحطة الارضية ويتركز بالقيام بالاختبارات المطلوبة وتجهيز القمر للقيام بدوره ومهمته المطلوبة إن شاء الله”.
ومن المعلوم أن الصاروخ الذي سيحمل القمر الكويتي يمكنه حمل معدات فضائية وما بين 70 و100 قمر اخر إلى الفضاء لينفصل كل منها عندما يصل إلى المدار المحدد له سلفا ليبدأ أداء المهمة التي صنع من أجلها.
لم يكن ممكنا بلوغ تلك المرحلة المحورية في سجل الكويت الفضائي إلا بتخطيط محكم ورؤية وطنية سديدة اعتمدت العمل المؤسسي لتجهيز كوادر بشرية كويتية كي تكون نواة العمل الفضائي الكويتي في المستقبل.
في سبيل ذلك يؤكد الكندري أن فلسفة تدشين العمل بالمشروع بنيت على جعله قائما بحد ذاته لا على أشخاص فقد “بدأ المشروع في ظل عدم وجود سابقة في هذا المجال وكان ينقصه الكثير من الجوانب ولذا اعتمدنا مع مجموعة من أساتذة كليتي العلوم والهندسة العمل المؤسسي عند تحديد جوانب مرحلة العمل ليكون هذا المشروع نواة لمستقبل فضائي مستدام”.
استحضر الكندري ذكريات تأسيس المشروع الذي تم منذ ما يقارب 4 سنوات وقال إنه “تضمن الاهتمام بثلاثة جوانب هي أساس أي عمل مستدام الأول البنية التحتية من خلال مختبر متخصص في دراسة أبحاث الفضاء في الجامعة والثاني الأجهزة والنظم وتم توفيرها ومنها قمر اصطناعي مفكك شبيه بالقمر الكويتي المقرر إطلاقه والجانب الأخير بناء القدرات البشرية المدربة وكان هذا باختيار أعضاء الفريق وتدريبهم ليصبحوا قادرين على التعامل مع هذا النوع الجديد من التكنولوجيا”.
بكل اعتزاز يتحدث الكندري عن نجاح المشروع خلال السنوات الماضية “في الاستثمار في هذا الفريق استثمارا كاملا وتحويله من تخصصات مختلفة إلى مسار موحد لدراسة علوم وأبحاث الفضاء ليتم تقسيمهم بعد ذلك إلى فرق متنوعة منها الفريق الفني ومهمته فحص القمر وبرمجته واختباراته والتعامل مع أجهزته وأنظمته وفريق المحطة الأرضية ويجدول عبور واستقاء المعلومات من القمر وسيبدأ في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة فحص القمر مع الفريق الفني ليتسلم الصور ويصنفها ويتولى أرشفتها ويحلل الحالة الفنية للقمر ومدى سلامته”.
وبمزيد من الاهتمام يضيف الكندري أن “هناك أيضا فريق التطبيقات ويعنى بتحليل الصور وبه جامعيون من تخصصات متعددة في علوم البحار والجيولوجيا والهندسة المعمارية والبيئية وجميع التخصصات التي تستفيد من نتائج العمل الفضائي”.
سيدور القمر حول الأرض وبه كاميرا عالية الدقة ترسل صورا إلى الكويت ليتم تحليلها من فريق التطبيقات حسب تخصص كل فرد فيه فالمتخصص في علوم البحار سيتولى بحث البحر وتغير لونه والمد الأحمر والتلوث النفطي وتأثيراته وعمل أبحاث وتقارير تفيد الكويت كما سيبحث المتخصص في الهندسة المعمارية الحالة العمرانية ليفيد الدولة والمحيط العلمي.
ويمثل فريق الإدارة بالمشروع في رأي الكندري “القلب النابض لإدارة واستمرار المشروع فهو مسؤول عن تنظيم جميع الأمور الإدارية للفرق والتنسيق بينها وبين المجتمع وجهات الدولة” في حين يتولى الفريق الإعلامي “إظهار نشاط الفريق وتوثيق العمل منذ بدايته وإعداد تقارير إعلامية والتنسيق مع الجهات الإعلامية”.
ينظر الكندري إلى أعضاء الفريق على أنهم “فريق متكامل لم يولد مصادفة بل كان نتيجة تدريب أعضائه وتعليمهم متطلبات دور كل منهم ودعم قدرتهم على الاستقلالية واتخاذ القرار حتى أصبحوا الآن يقودون المشروع ليقتصر دور الأساتذة على الاستشارات والتوجيه والتخطيط بينما التنفيذ أصبح مسؤولية الأعضاء”.
وترجع تلك النتيجة الباهرة في إعداد الكوادر الوطنية إلى تجهيزهم عبر 4 مراحل “الأولى الاختبار والاختيار والثانية التأهيل الأساسي بدراسة علوم الفضاء الأساسية بكتب ومحاضرات معتمدة دولية ومحاضرات على مستوى العالم واستضافة أكثر من متخصص وخبير في علوم الفضاء والثالثة التأسيس بدراسة الأقمار الاصطناعية وعقد محاضرات وورش عمل وزيارات لأكثر من دولة وأخيرا التأهيل الاختصاصي ويشمل التركيز على القمر الكويتي بتفاصيله من أجهزة وأنظمة”.
توثيقا للتجربة الكويتية الأولى اختار القائمون على المشروع اسم (كويت سات 1) للإشارة إلى بداية رحلة ارتياد الكويت لعالم الفضاء وفتح باب الطموح أمام المزيد من الأقمار وإنشاء قطاع فضائي مستدام في الكويت يعتبره الكندري “منفذا اقتصاديا جديدا أو بديلا لمصدر الدخل الوحيد للكويت وهو النفط”.
ويعتمد الكندري على إيمانه “بقدرات شباب الكويت الذين عملوا متطوعين لاختراق علوم الفضاء باسم بلدهم” خصوصا أنهم “عملوا في هذا المشروع لمدة 4 سنوات بشكل تطوعي وبعطاء مستمر بلا مقابل بل عملوا بدأب وبذلوا الوقت والجهد فقط لأجل شغفهم العلمي وخدمة الوطن بدعم وتحفيز من أساتذتهم بالمشروع”.
وصلت تكلفة هذا المشروع الحيوي إلى 316 ألف دينار (أكثر من مليون دولار) وعمل به نحو 67 عضوا من مختلف الدرجات والتخصصات العلمية (67 في المئة إناثا و33 في المئة ذكورا) بعدد ساعات متواصلة تجاوزت الـ1000 ساعة عمل كما شارك فيه واحد من أكبر مراكز الأبحاث في الإلكترونيات الدقيقة وتطوير تكنولوجيا الخلايا الشمسية في بلجيكا وفق ما ذكره الكندري.
بمشاعر مفعمة بالأمل والوطنية يقول الكندري “إن كل فرد من أفراد الفريق يشعر أن العاملين بالمشروع عائلته” آملا ألا يقف المشروع عند حد إطلاق القمر “فمن غير المعقول أن تذوب مثل هذه الاستثمارات البشرية في أروقة العمل بالوظائف المختلفة التي لا تستفيد مما اكتسبوه من خبرات نادرة يناسبها أن تكون أساسا نبني عليه وكالة فضائية أو مركزا يعنى بأبحاث الفضاء”.