هل التدخين الإلكتروني آمن؟ ما هي الحقيقة وراء كل الجدل حوله؟ ما هي تأثيراته الفعلية على أجسامنا؟ هل يشكل خطرًا مماثلًا للتدخين التقليدي أم أقل خطورة؟ وهل يمكن للمدخنين التقليديين استخدامه كوسيلة للإقلاع عن التدخين نهائيًا؟ أنا إيمان الإمام، وسأحاول إلقاء الضوء على هذا الموضوع.
هل التدخين الإلكتروني آمن
- 1. هل التدخين الإلكتروني آمن على المدى القصير؟
- 2. هل التدخين الإلكتروني آمن على المدى الطويل؟
- 3. هل التدخين الإلكتروني آمن على صحة الرئتين؟
- 4. هل التدخين الإلكتروني آمن على صحة القلب؟
- 5. هل التدخين الإلكتروني آمن على صحة الدماغ؟
- 6. هل التدخين الإلكتروني آمن على صحة الجهاز الهضمي؟
- 7. هل التدخين الإلكتروني آمن على صحة الجهاز المناعي؟
- 8. هل التدخين الإلكتروني آمن على صحة الجهاز التناسلي؟
- 9. هل التدخين الإلكتروني آمن للمرأة الحامل؟
- 10. هل التدخين الإلكتروني آمن للأطفال؟
- 11. هل التدخين الإلكتروني آمن للمراهقين؟
- 12. هل التدخين الإلكتروني آمن للمسنين؟
- 13. هل التدخين الإلكتروني آمن للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة؟
- 14. هل التدخين الإلكتروني آمن للأشخاص الذين يعانون من حساسية؟
ظاهرة التدخين بدأت عندما عرف البشر نبات التبغ واستنشقوا دخانه قبل نحو 5000 سنة قبل الميلاد، بالتحديد في الحضارات القديمة في الأمريكتين. كان التدخين جزءًا من ممارساتهم الدينية والروحانية، ويبدو أنهم استخدموه أيضًا في بعض الاستخدامات الطبية، مثل علاج الآلام.
عندما سافر الأوروبيون لاستكشاف الأمريكتين منذ حوالي 500 سنة، اكتشفوا هذه الظاهرة الفريدة من نوعها وانتشرت زراعة التبغ بشكل واسع. انتقلت عادة التدخين من أوروبا إلى باقي أنحاء العالم، ومنذ ذلك الحين أصبح التبغ جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، سواء في المجال الزراعي والصناعي، أو في الاقتصاد العالمي والأبحاث العلمية والممارسات الاجتماعية والجدل الأخلاقي ومجالات الدعاية ووسائل الإعلام والدراما، وكذلك في القانون والقضايا التي تُنظر في المحاكم.
ومع بداية الألفية الجديدة، ظهرت ظاهرة التدخين الإلكتروني أو السجائر الإلكترونية أو الفيبنج. فما هو بالضبط التدخين الإلكتروني؟
أتدرك أن التدخين التقليدي يشمل حرق نبات التبغ لإنتاج دخان يحتوي على النيكوتين، ويقوم المدخن بتناول هذا الدخان. بالمقابل، يعتمد التدخين الإلكتروني على تسخين سائل صناعي يحتوي على النيكوتين، محولًا إياه من الحالة السائلة إلى بخار. يقوم المدخن بالتنفس هذا البخار، ويحتوي السائل عادة على مواد إضافية غير النيكوتين للحفاظ على تركيبته وتسهيل تحويله إلى بخار، ويمكن أن يحتوي على نكهات وروائح صناعية وغير ذلك.
وهنا يظهر أول فائدة للسجائر الإلكترونية مقارنةً بالتدخين التقليدي. في التدخين التقليدي، الذي يتم فيه حرق مواد إضافية إلى جانب التبغ، مثل مادة الطار، تنتج عن هذا الاحتراق غازات خطيرة مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون. هذه المواد معروفة بأنها تسبب أضراراً شديدة للجسم البشري، خاصة في الجهاز التنفسي، حيث تؤدي إلى التهابات مزمنة في الحلق، والحنجرة، والشعب الهوائية، والرئة. والمدخنين يزيد لديهم احتمالية الإصابة بأنواع مختلفة من العدوى في الجهاز التنفسي.
من بين الأمراض المترتبة على التدخين التقليدي، يظهر مرض انسداد الرئة المزمنة الذي يتسبب في صعوبة التنفس، والكحة المصاحبة للمخاط، والتعب أثناء النوم نتيجة لضيق التنفس. وعلى المدى الطويل، يتزايد خطر تكوين أورام في اللسان، والحنجرة، والمريء، والرئة، والمعدة، والقولون، والبنكرياس، والمثانة، وغيرها.
لدينا أيضًا أمراض الأوعية الدموية مثل تصلب الشرايين وجلطات القلب والدماغ، حيث تظهر الآثار السلبية على الخصوبة في الذكور والحمل وصحة الجنين في الإناث وغيرها من الآثار الكثيرة. إذا تحدثنا عنها، لن ننتهي. لكن، بما أن التدخين الإلكتروني لا يحتوي على الكثير من هذه المواد الضارة، هل يعني ذلك أن التدخين الإلكتروني لا يتسبب في أضرار صحية؟ الجواب هو لا، فالتدخين الإلكتروني بالتأكيد يشكل خطرًا على صحة الإنسان.
لا يوجد أي جهة طبية أو علمية موثوقة تقدم إجابة مختلفة أو تؤكد أن التدخين الإلكتروني آمن بنسبة 100%. فما هي المخاطر الصحية التي قد يتسبب فيها التدخين الإلكتروني؟ دعني أخبرك، نسبة كبيرة من مستخدمي السجائر الإلكترونية تظهر عليهم أعراض مشابهة لالتهاب الرئة، مثل ارتفاع درجة الحرارة، وضيق التنفس، وآلام في الصدر، وسعال مصحوب بخروج دم، والغثيان، والقيء، والإسهال، وآلام في البطن، وغيرها.
عندما بدأ الأطباء في ملاحظة هذه الحالات في بداية الألفية الجديدة، كان الغريب هو أنه عند فحص المرضى وإجراء التحاليل، لم يظهر أي ميكروب يسبب هذه الأعراض المشابهة لالتهاب الرئة. الفيروسات والبكتيريا لم تظهر، وكانت المسارات المرضية تتغير بسرعات متفاوتة بين المريض وآخر. الأطباء لم يستطيعوا تحديد متى سيتحسن المريض أو متى ستصبح الحالة واضحة. وهنا بدأ الربط بين التدخين الإلكتروني ونوع جديد تمامًا من أمراض الرئة.
في عام 2019 تقرر تسمية هذا المرض الذي نجم عن التدخين الإلكتروني باسم “تلف الرئة”. يظهر هذا التلف على شكل التهابات حادة في الرئة، تهديدًا للحياة إلى درجة أن الأطباء يضطرون لاحتجاز 90% من المرضى للعلاج داخل المستشفيات، نظرًا لأن علاجهم في المنزل باستخدام أدوية بسيطة يكون أمرًا مستحيلاً.
في عام 2020، سُجلت 70 حالة لأشخاص فقدوا حياتهم نتيجة لتلف الرئة الناتج عن التدخين الإلكتروني. هذا التلف يحدث نتيجة تعرض الرئة لإحدى المواد التي تدخل في تركيب السائل الموجود داخل السيجارة الإلكترونية، وهي مادة فيتامين E الصناعي المصنع صناعيًا والتي تمت التأكد من أنها تسبب تهيجًا شديدًا لأنسجة الرئة بخلاف التلف الذي يحدث بسبب الحرارة العالية جدًا للبخار الذي يخرج من السيجارة الإلكترونية، ويشبه بخارًا يطهو الرئة من الداخل كما لو كان يغليها على نار غير هادئة.
ويجب أن نعتبر أن الرقة هي آخر محطة يصل إليها هذا البخار، حيث يمر عبر الفم واللثة والأسنان، متسببًا في تضررها بشدة من تأثير الحرارة العالية، مما قد يؤدي إلى جفاف شديد في الفم والتهاب وتورم في اللثة، بالإضافة إلى تغيير بيئة الفم لتصبح مستجيبة لأنواع معينة من البكتيريا الضارة، مما يؤدي في النهاية إلى نوع من العدوى ورائحة كريهة في الفم، وبالطبع ارتفاع احتمالية الإصابة بتسوس الأسنان. و عندما نقارن بين التدخين التقليدي والتدخين الإلكتروني، يمكن أن يكون التدخين الإلكتروني في الواقع أقل ضررًا من التدخين التقليدي.
لكننا هنا نقارن بين خطرين، وليس بين شيء آمن وشيء خطر. التدخين الإلكتروني في حد ذاته يحمل مخاطر حقيقية على الصحة. نأتي الآن إلى السؤال الأكثر جدلاً: هل يمكن أن يساعد التدخين الإلكتروني شخصًا مدمنًا على التدخين في الإقلاع تمامًا؟ انظر، أنا أعلم أننا الآن في منطقة حساسة للغاية ويجب أن نتحدث فيها بدقة كبيرة.
المبدأ الطبي هو أن يمكن الإقلاع بدون وسائل مساعدة، طبعًا، ولكن في حالة احتياج الشخص إلى مساعدة، دعونا نرى كيف يمكن أن يقدم الطب والأطباء المساعدة. أولاً، التواصل مع الخبراء في مجال الطب النفسي مثل الأطباء والمعالجين النفسيين وغيرهم يمكنهم التحدث معه واستكشاف الأخطاء في أساليب التفكير والسلوك لديه وتوجيهه لتصحيح هذه الأساليب، وبالتالي الخروج من دائرة الاعتماد على التدخين.
هناك أيضًا الأدوية التي تقلل من رغبة المريض في اللجوء إلى التدخين، وتوقف الشعور اللطيف الذي يشعر به خلال التدخين، مما يجعل الشخص يشعر تدريجيًا بعدم الحاجة للتدخين تمامًا حتى يصل إلى الإقلاع النهائي عن التدخين.
الطب أيضًا يقدم بدائل للنيكوتين الموجود في السجائر، مثل لبان المضغ أو الصحائف التي تلصق على الجسم لتوفير جرعات من النيكوتين، وهنا يُطلق عليها اسم “العلاج البديل للنيكوتين”. هذا شيء غريب، أليس كذلك؟ يعني الشخص يرغب في التوقف عن التدخين ونحن نقدم له النيكوتين ببساطة، لأن النيكوتين هو مادة يتعود عليها جسمنا.
فإذا استمر الجسم في التعرض لها بشكل دائم لفترات طويلة، ثم فجأة لم يعد يحصل عليها، سيظهر أعراض انسحاب مزعجة وأحيانًا مؤلمة للشخص، مثل اضطرابات المزاج الشديدة، والقلق، والأرق، وصعوبة التركيز، وشعور بالإحباط والغضب، وربما جوع شديد مع ارتباك في حركة الأمعاء (إمساك أو إسهال).
الأطباء، لدعم المريض خلال هذه المرحلة المؤقتة، يقدمون له جرعات من النيكوتين في شكل لبان أو لاصقات. يتم تقليل هذه الجرعات تدريجيًا حتى تصل إلى نقطة يتم فيها الاستغناء الكامل عن النيكوتين، وبالتالي يقل جسم المريض عن الاعتماد نهائيًا على النيكوتين. وهكذا، يُقلل هذا النهج من احتمالية حدوث أعراض الانسحاب، وإذا حدثت، فإن شدتها تكون أقل.
لكي يساعد التدخين الإلكتروني المدخن على الإقلاع تمامًا، يتم تقديم جرعة من النيكوتين التي كان يأخذها من التدخين التقليدي، ولكن بدون الأضرار الناتجة عن حرق المواد الموجودة في السجائر التقليدية. وبهذا يمكن القول إن التدخين الإلكتروني يعمل بنفس مبدأ البديل مثل اللصقات واللبان.
وبالطبع، يمكن التحكم في جرعة النيكوتين في السجائر الإلكترونية، ويمكن للفرد تقليل الجرعة تدريجيًا لتجنب حدوث أعراض الانسحاب المفاجئة حتى يصل إلى نقطة إقلاع تام عن التدخين الإلكتروني. وبهذا يكون قد تخلص تمامًا من العادة التدخينية.
الظاهرة الثانية التي رصدها المتخصصون هي أن المدخنين، عندما ينتقلون من التدخين التقليدي إلى الإلكتروني، يقومون بحركات جسدية أثناء التدخين، مثل حركة اليد إلى الفم وحركة الاستنشاق المصحوبة بشعور وصول مادة النيكوتين إلى الحلق، وهذه الحركات لها دور في عملية التعود النفسي والجسدي التي تحدث مع التدخين.
عندما يتم تقليلها بشكل تدريجي بدلاً من الإقلاع الفجائي، يشعر بعض الأفراد بسهولة في كسر دائرة الإدمان. ومع ذلك، هناك عدة شروط يجب أن تُلبى لتحقيق هذه المكاسب من تجربة التدخين الإلكتروني. أولاً، يجب على المدخن أن يتوقف تمامًا عن التدخين التقليدي ويستبدله بالسجائر الإلكترونية. يعني أن يتوقف عن تدخين السجائر التقليدية ويستخدم الإلكترونيات بدلاً منها.
ومن المهم أيضًا أن يقلل الشخص من التعرض للمحفزات التي تشجع على التدخين، سواء كانت تلك المحفزات تتمثل في أماكن معينة أو مجموعة من الأصدقاء الذين يشجعون على التدخين. يُفضل على الشخص أن يحاول تجنب هذه المحفزات. كما ينبغي أيضًا أن يكون هناك تواصل مع الطبيب أو مؤسسة طبية متخصصة في رحلة الإقلاع.
هذا هو التوضيح الضروري الذي يجب أن نختم به.
إذا كنت غير مدخن، فلا يوجد أي منظمة طبية في أي مكان في العالم تدعم أو تشجع على ممارسة التدخين الإلكتروني. لا توجد أي مؤسسة طبية تصرح بأن التدخين الإلكتروني آمن بنسبة 100%. كما لا تمتلك أي مؤسسة طبية معلومات كافية حول الآثار الطويلة المدى للتدخين الإلكتروني على الصحة الجسدية والنفسية.
إذا كنت غير مدخن، يرجى عدم اتخاذ أي خطوات في اتجاه التدخين. أي حديث عن فوائد التدخين الإلكتروني يجب أن يكون في سياق محاولة الإقلاع عن التدخين بشكل عام.
يمكننا أن نشير إلى قصة معروفة، قصة الصيدلي الصيني الذي ابتكر التدخين الإلكتروني في عام 2003. كان هذا الرجل قد فقد والده بسبب سرطان الرئة بعد سنوات من التدخين الكثيف. تأثر بشدة بفقدان والده وكره لنفسه كمدخن، فاتخذ قرارًا بالتوقف عن التدخين مهما كلف الأمر. قرر الابتكار لمساعدة نفسه وغيره من المدخنين في رحلة الإقلاع. ومع الأسف، بعد 20 عامًا، هذا الرجل لا يزال مدخنًا ويتجول في اللقاءات الصحفية يؤكد عدم قدرته على التوقف عن التدخين.
وفي الوقت الحالي، يستخدم بعض الأفراد التدخين بالطريقتين، التقليدي والإلكتروني، ولنأخذ في اعتبارنا أن جميع المعلومات المقدمة في هذا النص مأخوذة من الهيئة الوطنية للخدمات الصحية البريطانية. يجدر بالذكر أن بريطانيا تشهد إشرافًا صارمًا على محتوى السجائر التقليدية والإلكترونية، بما في ذلك رقابة دقيقة على المكونات والتعليمات المدونة على العبوات، مع منع تداولها تمامًا للأفراد دون سن 18 عامًا.
ومع ذلك، في معظم دول العالم، يمكن العثور على صناعة وتداول السجائر الإلكترونية بشكل عشوائي للغاية، حيث لا توجد رقابة حقيقية على المكونات المتواجدة فيها، سواء في السائل أو غيره. يمكن للشخص عدم معرفة المكونات الفعلية التي قد تحتويها، حتى إذا كان هناك بعض المكونات المدرجة على العبوة.
وفي دراسات كبيرة أجريت على عينات عشوائية من مختلف أنواع السجائر الإلكترونية المتاحة في السوق الأمريكي، أظهرت النتائج وجود مواد سامة في جميع العينات التي خضعت للدراسة، سواء كانت تلك المواد موجودة في التصنيع عن عمد أو بشكل غير مقصود، نتيجة لظروف التصنيع غير النظيفة.
المواد التي اكتشفت في الدراسات تتضمن معادنًا ثقيلة مثل التصدير والنيكل والكروم والمنجنيز وحتى الزرنيخ. إذا كنت تتخذ قرارًا بالانفصال عن عادة التدخين، فألف مبروك، فأنت تتخذ خطوة نحو مصلحتك الصحية الجسدية والنفسية بنسبة 100%.
يُنصح بالبحث عن دعم وسايا لمساعدتك في هذه الرحلة، والتشاور مع طبيب متخصص. كما يُفضل طلب الدعم النفسي من الأهل والأصدقاء والأشخاص الذين تثق بهم. وإذا استفدت من هذه التجربة، فحاول مشاركتها مع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة. كل التمنيات بالشفاء والقوة لكل الذين يحاربون الأمراض في كل مكان.
