أداء المراسم المقدسة للحج حلم لكل مسلم، فالذهاب الى بيت الله الحرام يتطلب من المسلم ان يتحمّل كلفة ومشقة الذهاب الى مكة. إذ يؤمن المسلمون أن السير في خطى النبي إبراهيم وعائلته وإعادة عيش محنتهم، يطهرهم من كل ذنوبهم، قبل أن يعودوا إلى ديارهم أنقياء، مثل اليوم الذي وُلدوا فيه.
فكان المسلمون سابقاً يتحملون مشقة كبيرة على عاتقهم للذهاب الى مكة واداء المراسم المقدسة، ولكن في وقتنا الحالي وسائل النقل الحديثة وتبنيها في رحلات الحج، لم يكن لدى سوى عدد قليل من المسلمين القدرة على استكمال هذا الركن الخامس والأخير من الإسلام. فقبل منتصف الخمسينيات، كان عدد الحجاج في الخارج نادرا ما يتجاوز الـ١٠٠ ألف، ولم يكن إنشاء المؤسسات السعودية الحديثة قد اكتمل بعد. ولكن بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحالي، كان العدد الإجمالي للحجاج قد تجاوز حاجز المليونين حاج، ليصل إلى ذروته بتخطيه رقم الـ ٣ ملايين في عام ٢٠١٢.
أضف الى ذلك انه في عصرنا الحالي وتطور وسائل النقل الجوي، جلبت فرصة تأدية الحج بسهولة أكبر ضغوطا هائلة على البنية التحتية في مكة المكرمة. يفقد المئات أرواحهم خلال الكوارث الدورية التي تحدث هناك، بما في ذلك الحرائق وحوادث التدافع، وآخرها في عام ٢٠١٥.
وذلك ما فتح الباب امام السلطات لجعل مكة مركز سياحي واقتصادي لها دور مهم في الجهود الرامية إلى تنويع الاقتصاد السعودي غير النفطي. وهذا ما ازعج الحجاج.
فيما تشير بعض التقارير الى ان السلطات جعلت من مكة سوقا اقتصادية لتغطية نفقات الحرب اليمنية “الحوثيين” السعودية، وإلقاء نظرة على ترتيبات الحج لدى المسلمين البريطانيين في عصر العولمة كفيل بأن يظهر الدور المتنامي لسوق الدينية للسياحة في التأثير على طبيعة الحج وتنظيمه. فبحسب مجلس الحجاج البريطاني، فإن سوق الحج في المملكة المتحدة تبلغ قيمتها نحو ١٥٠ مليون جنيه إسترليني (٣١٠ مليون جنيه إسترليني إذا ما احتسبنا سوق العمرة)!. الى اين تذهب هذه الأموال؟…
** استثمار اموال الحج في انهاء الحرب اليمنية
فالكثير يصرح بأن مراسم الحج وشعائره أو موسم الحج يعد من أكبر المظاهر الاجتماعية من نوعها حيث انها تشكل حالة فريدة من نوعها ومن الصعب أن تجد لها مثيل في أي مكان في العالم.
الحج عبادة تعطينا دروس مهمة في الاجتماعية فأيام الحج يقوم الناس بالطواف حول الكعبة بشكل دائري ويقوم المسلمين بالاصطفاف حولها لاداء صلواتهم على شكل دائري وتكون الكعبة مركز كل اتجاهاتهم خلال الحج.
فالكعبة هي النقطة المركزية لكل المؤمنين حول العالم، والسر العميق لوحدة الإسلام… لذلك وحدة الإسلامية في الحج هي التجمع حول مركز واحد. ولكن الذين يتخذون من الكعبة قبلة ليسوا هم كل مَن نراهم في المسجد الحرام؛ فهناك عدد هائل من المسلمين خارج الحرم وفي كل مكان على وجه الأرض، فالمسلمون في كل أنحاء العالم يتجهون خمس مرات كل يوم نحو الكعبة لأداء صلواتهم.
ونشهد في ايامنا هذه كيف أصبح بإمكان اليمنيين السفر من صنعاء إلى وجهات أخرى لأول مرة منذ سبع سنوات، فمن المهم أن يبذل الجميع اقصى ما في جعبتهم لجعل الهدنة دائمة.
جدير بالذكر ان الهدنة الاخيرة التي اعلنتها السعودية واليمن ومازالت قائمة الى يومنا الحالي رحبت بها كل دول العالم بل طالبوا بان تكون الهدنة دائمة.
ويتوجب على الدبلماسيين ان يبذلوا الكثير من الجهد ليتوصلوا الى هدنة بين طرفي النزاع والصراع لكي يتم التوصل إلى تسوية دائمة في اليمن، فالهدنة في اليمن، تحث جميع الأطراف على التحرك بسرعة نحو عملية سلام شاملة وجامعة.
وكما شاهد الجميع أنه خلال الفترة الأخيرة منذ إعلان الهدنة في اليمن كانت الأكثر هدوء منذ اندلاع الحرب قبل سبع سنوات وتم إنقاذ أرواح الآلاف بفضل وقف إطلاق النار.
ورغم الاراء التي تنذر بتزايد تعقيد الامور الا انه يوجد تفاؤل وفرصة لانفراج الاوضاع على كافة الاصعدة.
وأحد الدروس التي اراد الله سبحانه وتعالى أن يعلمها للناس هي أن مناسك الحج والطواف تعلمنا بصورة عملية أن يكون مسعانا في حياتنا العملية داخل حدود معينة فلو لم تكن لنا حدود أو ظللنا نتجاوزها؛ فسينفلت بعضنا إلى جانب، بينما سيضيع البعض الآخر منا في جانب آخر.
