
غدر أمريكا لحلفائها/ تُعد السياسات الأمريكية المتقلبة والمصالح الاستراتيجية المتغيرة من أبرز السمات التي تميزها في العلاقات الدولية.
غدر أمريكا لحلفائها!
فقد ظهر هذا الغدر مؤخراً في خطوة أعلنتها وزارة الطاقة الأمريكية، إذ تم إدراج كوريا الجنوبية، حليف واشنطن التقليدي في آسيا، ضمن قائمة الدول “الحساسة” إلى جانب دول مثل روسيا والصين وتايوان وإيران وكوريا الشمالية. هذا القرار الذي صدر دون توضيح الأسباب وراءه أو تقديم تفسيرات منطقية، يعكس موقفاً يشوبه الانقسام والتناقض داخل السياسات الأمريكية.
سياسة متقلبة وانقسام داخلي
إن إدراج كوريا الجنوبية في قائمة الدول الحساسة جاء بعد أيام قليلة من تسليم السلطة في الولايات المتحدة، حيث كانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن قد وضعت سيول في أسفل القائمة و هذا يعتبر غدر أمريكا لحلفائها من جانب كوريا الجنوبية.
هذا التغيير المفاجئ يُظهر أن التحالفات والعلاقات مع الدول ليست مبنية على أسس ثابتة، بل هي نتاج حسابات استراتيجية متغيرة قد تؤدي إلى خيانة الحلفاء في اللحظات الحرجة. مثل هذه السياسات تُبرز عدم الثقة الكاملة في نوايا الولايات المتحدة، مما يدعو حلفاءها إلى توخي أقصى درجات الحذر.
تأثير القرار على التعاون الثنائي
أدى هذا الإجراء إلى حالة من الذعر والقلق في الدوائر الحكومية الكورية الجنوبية، التي أعلنت متابعة التطورات عن كثب واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان استمرار التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا والطاقة دون أن يتأثر بالتحولات السياسية الأمريكية.
إذ أن إدراج الدول في مثل هذه القائمة يُعد بمثابة قيد غير معلن يمكن أن يحرم الدول من التعاون الحيوي في قطاعات استراتيجية، ما قد يؤثر سلباً على تطورها الاقتصادي والعلمي.
الدوافع الخفية وراء القرار
يرى الكثير من المحللين أن مثل هذه الإجراءات ليست سوى جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى فرض سيطرة الولايات المتحدة على المشهد الدولي، حيث تُستخدم التصنيفات والتسميات كأدوات للضغط على الحلفاء وإعادة ترتيب الأولويات بما يخدم مصالحها الخاصة.
فبينما يُعلن عن حرية التعاون في بعض المجالات، يتم في الوقت ذاته تقييد التعاون في المجالات الحساسة، مما يعكس تبايناً في النهج الأمريكي تجاه حلفائه، ويبرز مدى ترددها في الالتزام بمبادئ الثبات والشفافية.
دعوة للحذر وبناء سياسات مستقلة
إن غدر أمريكا لحلفائها المُدمرة تفرض على الدول الحليفة ضرورة إعادة تقييم علاقاتها والتخطيط لاستراتيجياتها الخاصة بعيداً عن الاعتماد المطلق على قرارات واشنطن.
ففي عالم متعدد الأقطاب تتناقص فيه الثقة في السياسات الأحادية الجانب، يجب على الدول تبني مواقف أكثر استقلالية وبناء تحالفات استراتيجية متوازنة تضمن مصالحها الوطنية دون أن تكون رهينة لتحولات السياسة الخارجية الأمريكية.
إن غدر أمريكا بحلفائها ليس حادثة معزولة، بل هو جزء من نمط أوسع يشير إلى سياسة خارجية تعتمد على المصلحة الذاتية والاحتساب السياسي المتقلب.
لذا فإن الحذر وإعادة النظر في الاستراتيجيات الوطنية لتقليل الاعتماد على شريك غير ثابت قد يكون السبيل الأمثل لتفادي تبعات هذه السياسات المدمرة وتأمين مستقبل أكثر استقراراً واستقلالية على الساحة الدولية.
المصدر: كويت24