عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران و السعودية تفكك ألغام الحرب في المنطقة
في مقابلة حصرية مع كويت24 قال المحلل في شؤون القضايا الإقليمية: عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران و السعودية تؤثر على المنطقة بأسرها و تفكك ألغام الحرب التي زرعت طيلة السنين.
عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران و السعودية
أعلنت إيران والمملكة العربية السعودية والصين في بيان مشترك الجمعة 10 مارس 2023 نتيجة المحادثات بأن اتفقت جمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية على عودة العلاقات الدبلوماسية في مدة أقصاها شهرين وإعادة فتح السفارات و الوكالات.
في مجال عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران و السعودية، أجرينا مقابلة مع صباح هاشم الشمري، محلل شؤون غرب آسيا. يعتقد صباح هاشم الشمري أن الاقتصاد السعودي سيزدهر أكثر من قبل بعد عودة العلاقات الدبلوماسية إذا تعاون البلدان بنفس القدر ولم يكونا منافسين في سوق النفط والبتروكيماويات، لكنهما يتكاملان ويتعاونان، سيكسب كلا البلدين عشرات المليارات من الدولارات سنويا. وبحسبه، إذا انفتح السوق السعودي على البضائع الإيرانية، فسيحدث تغييرًا كبيرًا ويمنع نفوذ النظام الصهيوني في السوق السعودية.
وبحسب هذا الخبير في شؤون غرب آسيا، يمكن للمملكة العربية السعودية و ايران أن تساعدان في إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة، ونأمل أن يؤدي الجو إلى السلام والهدوء في اليمن.
نوع التفاعل بين إيران والسعودية يؤثر على المنطقة بأسرها
وفي حديث مع مراسل كويت24 قال دكتور الشمري ردا على سؤال حول آثار الاتفاق بين إيران والسعودية على عودة العلاقات الدبلوماسية على المستوى الإقليمي: تعتبر إيران والسعودية دولتين كبيرتين في المنطقة، و لذلك أي نوع من العلاقات التي تربطهم ببعضهم البعض تؤثر على بيئة المنطقة بكلها. سواء على الساحة الداخلية لهذه الدول أو في دول الجوار والمنطقة بشكل عام، أي أن التقارب بين إيران والسعودية يدعو دول المنطقة إلى التقارب أيضًا.
وأضاف: بهذه الطريقة، يجب على الأطراف التي تسعى إلى خلق مشاكل في المنطقة، مع وجود دولتين كبيرتين، إيران والسعودية، اللتين حسنتا علاقاتهما وتحاولان حل التوترات، أن تزن آثار أفعالها المدمرة و أن لا تتخذ مثل هذه الاجراءات. إذا كانت هناك دولتان كبيرتان على خلاف مع بعضهما البعض، فستستفيد الدول الصغيرة الأخرى والتيارات السياسية من هذا الوضع وتغذي هذه الاختلافات، ولكن عندما يبدأ التعاون بين الدول الكبرى، ستكون هذه علامة إيجابية وستتحرك دول أخرى أيضًا نحو التزامن وحركة التقارب.
وقال هذا المحلل للشؤون الإقليمية في مجال عودة العلاقات الدبلوماسية إن العلاقات بين البلدين ليست على مستوى واحد بل هي منوعة و لا تقتصر على حد قليل. نظرًا لأن إيران تواجه قيودًا بسبب العقوبات، لكن السعودية لا تعاني من مثل هذه القيود ويمكنها التحرك على مستويات اقتصادية وسياسية وأمنية وثقافية مختلفة، يمكن لإيران أن تلعب دورًا وتكون حاضرة في هذه الأنشطة.
بالطبع، ستستمر العقوبات في التأثير سلبًا على التعاون الكامل والشامل بين طهران والرياض، ويجب بذل الجهود لإزالة هذه العقوبات. يمكن للمملكة العربية السعودية مساعدة إيران في الشؤون الاقتصادية إلى حدٍّ محدود بعد عودة العلاقات الدبلوماسية لكن يمكنها أن تلعب دورًا أكبر في الشؤون السياسية والأمنية وتساعد على إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة. لذلك نأمل أن يؤدي هذا الاتفاق إلى السلام والهدوء في اليمن.
توجد 3 مخططات أمنية للمنطقة
وردا على سؤال آخر طرح بعد عودة العلاقات الدبلوماسية، ذكر صباح هاشم أن من القضايا التي أثيرت في عودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية هي أمن منطقة الخليج وانسحاب القوات الأجنبية، بما في ذلك إسرائيل، من هذه المنطقة، وأخرى هي قضية لبنان ومناطق أخرى.
وبالتالي علينا أن نسأل ماذا سيكون تداعيات عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، على هذه القضايا: الأمن الإقليمي يرتكز على قوة نفوذ دول المنطقة ومصالح فاعلين إقليميين وعالميين آخرين. بما أن المنطقة تعتبر أهم مصدر للطاقة في العالم، فإن الدول التي تعتمد مصالحها على موارد الطاقة في المنطقة لا يمكن أن تكون بعيدة عن التأثير على المنطقة.
وأضاف: لذلك رأينا ونشهد 3 أنواع من الخطط الخاصة بقضايا الأمن الإقليمي:
- الأول هو مخطط وجود قوى عظمى مثل الولايات المتحدة وإنجلترا في المنطقة ، ممن يعتبرون أنفسهم لديهم مصالح ، واتفقت معظم دول المنطقة مع وجود هذين البلدين.
- والخطة الثانية هي الخطة التي طرحتها الأمم المتحدة وهي إقامة نظام أمني إقليمي بحضور دول المنطقة. مع تغيير النظام الديكتاتوري العراقي في عهد صدام إلى نظام الجمهورية الديمقراطية وإجراء الانتخابات في هذا البلد، يمكن الآن للعراق أيضًا الانضمام إلى هذا النظام الأمني الإقليمي بسهولة أكبر.
- وشدد هذا المحلل لكن الخطة الثالثة سبق أن اقترحتها روسيا والصين قبل عامين. تولي روسيا اهتمامًا لأمن الخليج من وجهة نظر أن إنتاج الطاقة في الخليج ليس له تأثير سلبي على سوق الطاقة الروسي ولا ينافس إنتاج الطاقة في روسيا. لكن خطة الصين الأمنية، التي تم اقتراحها قبل عامين، هي في الواقع نوع من العودة إلى ظروف الوجود الأمريكي في المنطقة في العقود الماضية. أي عندما كانت الولايات المتحدة في حاجة ماسة إلى الطاقة من المنطقة. في الوقت الحالي، لا تحتاج أمريكا إلى الكثير من موارد الطاقة في المنطقة، ولكن من ناحية أخرى، تشعر الصين بشكل متزايد بالحاجة إلى هذه الموارد. لذلك، من الضروري أن تحقق الصين الاستقرار والأمن في منطقة الخليج، وهي مستعدة للتواجد في القضايا الأمنية في المنطقة، وبالطبع ليس لدينا أي معلومات وتفاصيل حول كيف تريد أن تفعل ذلك. لذلك يجب على دول المنطقة أن تختار إحدى هذه الطرق، ويبدو أن أفضل طريقة هي الحل الثاني، أي أن تتوصل دول المنطقة إلى اتفاق.
كانت السعودية تفاوض مع ايران بتنسيق مع أمريكا
وتحدث صباح هاشم الشمري في استمرار هذه المقابلة التي أجريت لمناقشة عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران و السعودية، عن حقيقة أن الصين توسطت بين إيران والسعودية، وبالتالي قامت الصين بدور أقوى، فإن دور الولايات المتحدة في المعادلات الإقليمية آخذ في التراجع، لذلك هل يمكن القول أن هذا الإجراء من قبل بكين يتماشى مع نفس الخطة التي ذكرناها أعلاه؟
قال: إن الصين تمضي خطاه بعقلانية ولا تدعي أبدًا أن الاتفاق بين إيران والسعودية يضر بالولايات المتحدة ولا ينظر إليهمن هذه الوجهة النظر؛ لأن العلاقات الدولية ليست على هذا النحو، على سبيل المثال، إذا كانت الصين مستعدة للعمل في المنطقة، فسيكون ذلك على حساب أمريكا. نفترض أن الاتفاق بين طهران والرياض تم بضوء أخضر من الولايات المتحدة، كما ذكر المسؤولون الأمريكيون أن السعودية أبلغت الأمريكيين بشروط مفاوضاتها مع إيران.
وتابع: لذلك لو عارضتها الولايات المتحدة لما تم الاتفاق بين إيران والسعودية و كنا لا نشاهد عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. في غضون ذلك، تختلف المعادلات قليلاً وقد تقلص الولايات المتحدة وجودها في المنطقة بسبب نقص الطاقة في المنطقة، لكن القوات العسكرية الأمريكية وقواعد ومراكز الوجود العسكري الأمريكي ومبيعات الأسلحة في المنطقة ما زالت موجودة وتستمر والحاجة الى المزيد من الاسلحة للبيع هنا. وبهذه الطريقة ستواصل الولايات المتحدة وجودها في المنطقة بطريقة مختلفة وتنظر إلى دور الصين كما لو لم تكن هناك الصين فلن تكون هناك الولايات المتحدة. إنه يعني التوتر الاقتصادي بين الصين وأمريكا.
التعاون الاقتصادي بين المملكة العربية السعودية وإيران بعد عودة العلاقات الدبلوماسية سيحقق أرباحًا تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات لكلا البلدين
تحدث هذا الخبير عن إنجازات الاتفاق بين إيران والسعودية للبلدين: السعودية تبحث عن الأمن، ويمكنها بسهولة بيع نفطها في المنطقة، ولم يهاجم أحد طرقها النفطية في الخليج والبحر الأحمر وأن هذا البلد قادر على تنفيذ خططه التنموية كما يعتبر لجمهورية إيران الإسلامية أن الاستقرار والأمن في المنطقة أمران أساسيان، سواء على المستوى البشري أو على مستوى التنمية، ولا يمكن لأي بلد أن يستمر في العيش في بيئة غير آمنة بأي قدر من القوة والأسلحة. سيكون الاقتصاد السعودي سوقًا كبيرة لإيران إذا تعاون البلدان بنفس القدر ولم يكونا منافسين في سوق النفط والبتروكيماويات، ولكنهما مكملان وتعاونيان، سيكسب كلا البلدين عشرات المليارات من الدولارات سنويًا.
الطرف الوحيد المستاء عن الاتفاق بين إيران والسعودية هو الكيان الصهيوني
أكد هذا المحلل للشؤون الإقليمية تأثير الاتفاق الإيراني السعودي على التطورات في اليمن ولبنان: الطرف الوحيد الذي أبدى عدم رضاه عن الاتفاق الإيراني السعودي هو الكيان الصهيوني. لكن اليمنيين أعلنوا أن هذا الاتفاق يمكن أن يساعد في تخفيف التوترات والتوصل إلى اتفاق أفضل بشأن القضايا السياسية والأمنية في اليمن. من ناحية أخرى، يشعر اللبنانيون أيضًا أنه لن يكون هناك مواجهة بين إيران والسعودية، وهذه القضية لها آثار نفسية وأبعاد سياسية على محاور البلدين في لبنان، ويمكنهما حل مشاكلهما داخليًا وبدلاً من المواجهة والخلافات و الصراع كلا منهم يفكر في حل القضايا الاقتصادية والمعيشية للشعب اللبناني.
وردا على سؤال آخر حول سبب قلق النظام الصهيوني من اتفاق طهران – الرياض وشعوره بالخسارة، قال: إسرائيل تشعر بالخطر والخسارة مع أي تقارب وتعاون يحصل بين الدول الإسلامية. بشكل عام اسم إسرائيل حاضر دائمًا في الحروب والنزاعات، وبالتأكيد في أي نوع من النزاعات وأي نوع من الخلاف والحرب في المنطقة، المستفيد الرئيسي هو الكيان الصهيوني. إما من خلال عملاء المخابرات والتجسس والأمن في الدول، أو من خلال وكلاء تجاريين متواجدين في مناطق مختلفة من العالم، أو من خلال البنوك المختلفة التي تقدم قروضًا وضمانات مالية للدول وتتغلغل في اقتصادها. النظام الصهيوني هو المستفيد الأول من الخلافات في المنطقة.
وبخصوص ما إذا كانت خسائر النظام الصهيوني ومخاوفه تقتصر فقط على العلاقات بين دول المنطقة وعودة سوريا إلى الجامعة العربية أو إجراء انتخابات في لبنان وغيرها، أوضح صباح هاشم الشمري: هذه هي المحاور الرئيسية و مصادر الخسائر والقلق لإسرائيل، لكن هناك حالات أخرى كثيرة، مما يضر بهذا النظام. إذا انفتح السوق السعودي على البضائع الإيرانية، فسيحدث تغييرًا كبيرًا ويمنع النظام الصهيوني من اختراق السوق السعودي.