التقنيات الطبية الإيرانية؛ ما الذي يمنعنا من الاستفادة منها؟

التقنيات الطبية الإيرانية؛ ما الذي يمنعنا من الاستفادة منها؟

بصراحة، التقنيات الطبية الإيرانية أثارت فضول كثير من العاملين في القطاع الصحي والعامة على حد سواء. كثير من الناس سمعوا عن الإنجازات الطبية الإيرانية المتقدمة والنجاحات في علاج بعض الأمراض، لكنهم يتساءلون: ما الذي يمنعنا من الاستفادة من هذه التقنيات؟

في السابق دخلت التقنيات الطبية الإيرانية في سوقنا بشكل محدود جدا، على الرغم من تميزها في مجالات مثل جراحة القلب والأدوية الحديثة. لذلك، سنتناول في هذه المقالة أهم العوائق السياسية والاقتصادية والثقافية والإدارية التي تمنعنا من الاستفادة من التقنيات الطبية الإيرانية، وكيف يمكن تجاوزها بشيء من التعاون والإرادة.

إنجازات التقنيات الطبية الإيرانية

  • نظام “سينا” الجراحي الروبوتي الإيراني لإجراء عمليات دقيقة (مثل عمليات البروستاتا والقلب) بتدخل جراحي محدود.
  • جهاز قسطرة بالون متطوّر لتوسيع الشرايين (علاج القلب) طوره باحثون إيرانيون متخصصون.
  •  محاكي متكامل للإنعاش القلبي (واقع معزز وذكاء اصطناعي) لتدريب الأطباء والمسعفين على دعم الحياة الطارئة.
  • لقاح “بركات” الإيراني المضاد لفيروس كورونا المستجد، الذي طوّر محلياً وحصل على موافقة الاستخدام الطارئ.
  • علاج عشبي جديد للصرع اسمه “فينوشا” اجتاز تجاربه السريرية بنجاح وأظهر فعالية عالية دون آثار جانبية كبيرة.

هل الكويت تستفيد من الفرص الطبية في ايران؟

هذه الأمثلة توضح أن إيران قدمت ابتكارات طبية وتقنية متنوعة، ومن المؤسف أن انتشارها ما زال محدوداً في بلداننا.

العوائق السياسية

من أهم العوائق العقوبات الدولية التي تشمل أحياناً القطاع الصحي والتجاري لإيران، مما يعرقل التجارة بيننا. فقد يصعب إجراء الصفقات المالية مع الشركات الإيرانية بسبب القيود المصرفية، حتى لو كانت التقنيات متوفرة وفعّالة.

رغم ذلك، نلاحظ أن بعض الدول كالإمارات أعلنت أنها ستستمر في استيراد الأجهزة الطبية من إيران رغم العقوبات، وهذا نموذج يمكننا الاستفادة منه. لكن بشكل عام، الخلافات السياسية تُبقينا متخوفين من التعامل مع إيران في مجال الصحة، ويقف الكثيرون حائلاً أمام التعاون لما يخشونه من تبعات سياسية.

العوائق الاقتصادية

نقص التمويل وصعوبة الحصول على عملة صعبة تشكل عائقاً كبيراً. فعملاتنا المحلية قد لا تفي بمتطلبات الصفقات الدولية، والعقوبات تجعل استيراد الدولار أو اليورو أمراً صعباً. لذلك نلجأ أحياناً لأجهزة غربية أو بديلة لأنها أسهل في إجراءات الدفع.

كما أن البعض يظن (خطأً في كثير من الأحيان) أن الأجهزة الإيرانية أرخص أو أقل جودة، فيفضلون الأجهزة ذات العلامات التجارية المعروفة. هذا يعني أن الميزانيات المحدودة وتوفر العملة الأجنبية بأشكالها المتاحة يمنعان استيراد التقنيات الطبية الإيرانية رغم قيمتها، ويضعفان قدرتنا المالية على شراء أحدث الابتكارات.

العوائق الثقافية

للثقافة دور كبير أيضاً. هناك تصور شائع بأن “كل ما هو غربي أفضل”، مما يولّد عدم ثقة في المنتجات الإيرانية. مثلاً، في مدينة تدمر السورية اعتمد السكان على الأدوية الإيرانية مع بعض القلق. فقد وجد الباحثون أن الأهالي يخشون من صلاحية الأدوية الإيرانية أو من إعادة تغليفها، وأدى ذلك إلى تراجع كبير في طلبها.

الطب الايراني المتطور

هذا الانعدام في الثقة يقلل من استخدام التقنيات الطبية الإيرانية حتى لو كانت متوفرة. إضافة إلى ذلك، قلة المعلومات والإعلانات عن هذه التقنيات في الإعلام المحلي يتركها غامضة لدى البعض، فيظلون متمسكين بما يعرفونه ولا يعطونها فرصة عادلة.

العوائق الإدارية

الإجراءات البيروقراطية في بلدنا تمثل تحديًا آخر. فالموافقات التنظيمية على الأجهزة والأدوية الجديدة قد تستغرق وقتاً طويلاً في منطقتنا. أحياناً يُطلب من الشركات الإيرانية تقديم اختبارات إضافية أو وثائق خاصة قبل السماح بدخول منتجهم إلى السوق، وهذا يؤخّر وصول التقنيات.

كما أن التنسيق بين الوزارات الصحية والهيئات التنظيمية قد يكون ضعيفاً، فيُضيع الوقت في مراجعات مطولة بدل أن تسبقنا إلى السوق. بمعنى آخر، حتى لو اكتشفنا تقنية إيرانية ممتازة، قد تضيع علينا فرص استخدامها بسبب الروتين الإداري الطويل.

كيف نتغلب على هذه العقبات؟

يمكن تجاوز هذه التحديات ببعض الخطوات العملية:

تعزيز التعاون البحثي والتقني: تنظيم مؤتمرات علمية وورش عمل مشتركة، وزيارات للمراكز البحثية الصحية بيننا وبين إيران، ليَتعرّف أطباؤنا ومهندسونا على هذه التقنيات عملياً.

حلول مالية مبتكرة: البحث عن طرق لتسهيل الدفع والعملات، مثل الاستيراد عبر وسطاء موثوقين أو دول شريكة، لتفادي القيود المصرفية التي تفرضها العقوبات.

رفع مستوى الثقة: نشر دراسات علمية وتقارير مستقلة حول جودة وفعالية الأجهزة والأدوية الإيرانية، ومنحها شهادات اعتراف دولية لو أمكن، كي يكسر ذلك حاجز الشك لدى الأطباء والمواطنين.

الاستفادة من التجارب الإقليمية: مثل تجربة الإمارات التي أعلنت استمرارها في استيراد المعدات الطبية من إيران رغم العقوبات. هذا يدلّ على أن الإرادة والتنظيم يمكن أن يتجاوزا الحواجز السياسية.

تسهيل الإجراءات الإدارية: تنسيق سريع بين وزارات الصحة عندنا والنظيرة الإيرانية لتبادل الوثائق والمعايير، والاعتماد المشترك على شهادات الجودة المعترف بها دولياً. كما يمكن تدريب لجان اعتماد مشتركة لتقييم هذه التقنيات بسرعة وكفاءة.

التقنيات الطبية الإيرانية تحوي إمكانيات كبيرة يمكن أن تساهم في تطوير منظوماتنا الصحية إذا تعاونّا وجسرنا الفجوات القائمة. يعني في النهاية مصلحة المرضى فوق كل اعتبار، وأي تقنية جديدة تنقذ حياة إنسان تستحق المحاولة. إن شاء الله نقدر نتجاوز هذه العقبات ونستفيد من خبرة جيراننا لصالح الجميع.

المصدر: كويت24 + مصادر صحية عالمية