السيادة الوطنية الكويتية تحت الضغط/ الذوبان لا يجب ان يكون خيارا!

السيادة الوطنية الكويتية تحت الضغط/ الذوبان لا يجب ان يكون خيارا!

السيادة الوطنية الكويتية/ في منطقة تتارجح بين الانسياق خلف القوى الكبرى وبين محاولة تثبيت الهوية الوطنية، تجد الكويت نفسها مرة تلو الأخرى امام سؤال وجودي: الى أي مدى يمكن لدولة صغيرة أن تتمسك بسيادتها، حين يكون الجار الأكبر مصرا على توسيع نفوذه في كل اتجاه؟

السيادة الوطنية الكويتية في الأفواه!

في السنوات الأخيرة، أصبحت السيادة الوطنية الكويتية موضوعا ملحا على طاولة النقاش، لا فقط في دوائر القرار، بل أيضا في الشارع السياسية والنيابية، وحتى في وسائل الاعلام. فما يبدو على السطح كعلاقة “أخوة وتكامل خليجي” لا يخلو، في العمق، من ضغوط ناعمة وتدخلات غير مباشرة مصدرها الرياض.

النفوذ لا يمارس بالقوة فقط

السعودية، باعتبارها القوة الاقتصادية والسياسية الأكبر في الخليج، لا تحتاج إلى اعلان نوايا للهيمنة. يكفي أن تعبر عن موقف، حتى يشعر صانع القرار في الدول الصغيرة بأن عليه أن “يراعي”. هذا النمط من التأثير – غير المعلن – يمثل خطرا صامتا على السيادة الوطنية، خاصة حين يتحول إلى قيد على حرية الحركة الخارجية أو تحديد الأولويات الوطنية.

سواء كان الأمر متعلقا بإيران، أو بالتطبيع، أو بالتحالفات الغربية، فان الكويت تجد نفسها مضطرة دائما إلى المناورة الدقيقة، حتى لا تغضب الجار، ولا تفرط في استقلال قرارها. لكن إلى متى تستمر هذه المعادلة دون أن تذوب الحدود الفاصلة بين الدولة المستقلة والدولة التابعة؟

السيادة لا تعني القطيعة!

من المهم أن نوضح: الدفاع عن السيادة الوطنية لا يعني الدعوة إلى المواجهة أو القطيعة مع السعودية. بل على العكس، إن العلاقة مع الرياض ضرورية واستراتيجية، لكنها يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل لا على افتراض الولاء التلقائي.

من حق الكويت أن تختلف، أن تنتقد، وأن تحدد مصالحها وفق أولوياتها، لا أن تعامل كصدى لصوت الجار القوي.

الأمثلة عديدة على حالات “التماهي” التي وقعت فيها بعض دول الخليج الأخرى، حيث أصبح الخطاب السياسي نسخة مطابقة لما يصدر من الرياض أو أبو ظبي. الكويت، رغم الضغوط، قاومت هذا النموذج، لكنها لا تزال تقف على أرض رخوة، معرضة لخطر الذوبان التدريجي!، لا عبر التوقيع على اتفاقيات، بل عبر التنازل غير المعلن عن حق القرار الحر.

البرلمان كخط دفاع أول!

البرلمان الكويتي، رغم كل ما يقال عن أزماته المزمنة، لا يزال أحد أبرز أدوات حماية السيادة الوطنية الكويتية. وجود سلطة تشريعية منتخبة، قادرة على مساءلة الحكومة وطرح الأسئلة الصعبة، هو حاجز حيوي أمام الانجراف خلف سياسات لا تصب في المصلحة الوطنية.

غير أن هذا الدور مهدد دائما، سواء من الداخل عبر محاولات تقييد دوره، أو من الخارج عبر حملات الضغط غير المباشرة.

في ملفات كثيرة، كان الصوت النيابي أصدق تعبير عن الإرادة الشعبية من الصوت الرسمي المتحفظ. هذا التنوع في المواقف يجب ألا ينظر إليه كضعف، بل كدليل نضج سياسي تستحقه دولة تسعى لحماية السيادة الوطنية  لا لمجرد البقاء، بل لتكون نموذجا مغايرا في الخليج.

ما هو الثمن الحقيقي؟

السكوت عن الذوبان تحت مظلة الجار الأقوى ليس حيادا، بل خضوع صامت. والثمن الحقيقي لا يدفع اليوم، بل يراكم على مدى سنوات، في تآكل القرار الوطني، وفي ضياع هوية الدولة، وفي خفص صوت المواطن. وإذا لم تنتبه الكويت لهذا المنزلق، فإنها قد تستيقظ على واقع جديد لا يشبهها، مفروض من الخارج، مقبول من الداخل تحت ذريعة “الضرورة الإقليمية”.

لذلك، فإن المعركة الحقيقية ليست في العلاقات الدبلوماسية، بل في قدرة الدولة على ترسيخ مفهوم السيادة الوطنية كمبدأ لا يقبل المساومة، لا في الملفات الكبرى ولا في التفاصيل اليومية.

المصدر: كويت24