الكويت بين المجاملة والمصلحة؛ مراجعة هادئة لـ العلاقات مع الإمارات!

الكويت بين المجاملة والمصلحة؛ مراجعة هادئة لـ العلاقات مع الإمارات!

العلاقات مع الإمارات/ من فترة طويلة والمشهد الخليجي يتغير بشكل سريع، وكل يوم نسمع عن اتفاق جديد أو خلاف مفاجئ أو حتى تحالفات غير متوقعة. السياسة الخارجية في منطقتنا ما عادت مثل قبل، والمصالح تتغير، والنبرة كذلك تغيرت.

في وسط كل هالتغيرات، لازم نسأل نفسنا بصوت عالي: هل الكويت ما زالت ماشية بنفس الخط اللي بدأته من سنين، ولا محتاجين وقفة مراجعة؟ وبالتحديد، هل العلاقات مع الإمارات تسير باتجاه يخدمنا؟ ولا احنا متمسكين بعلاقات شكلية لا تتماشى مع الواقع الجديد؟

السياسة الخارجية مو شي ثابت!

أول شي لازم نكون مقتنعين فيه إن السياسة الخارجية مو شي ثابت أو جامد. المصالح تتغير، والظروف السياسية تتقلب. في وقت من الأوقات، كانت الكويت تعتمد على سياسة الحياد الايجابي، وفعلاً هذه السياسة خدمت البلد في أزمات كثيرة، أبرزها الاحتلال العراقي، والوساطة بين الأشقاء في الخليج. بس الحين الزمن تغير، والخليج نفسه صار مختلف. العلاقات مع الإمارات كمثال، مرت بمراحل كثيرة، من التقارب الشديد إلى الفتور الصامت، ويمكن حتى إلى اختلافات غير معلنة.

الإمارات من جهتها ما تنتظر أحد، تتحرك بسرعتها الخاصة، وتبني تحالفات عابرة للقارات، سواء مع دول كبرى أو حتى مع دول إقليمية كانت تُعتبر خصم في يوم من الأيام. طب وإحنا؟ ما زلنا ننتظر الضوء الأخضر؟ أو نخاف من المبادرة؟ هني لازم نوقف ونسأل: شنو موقفنا الفعلي من كل هذا؟ وهل احنا راضين على شكل العلاقات مع الإمارات اليوم؟ ولا نحتاج نقول “كافي مجاملة، خل نتكلم بصراحة”؟

وين المشكلة؟

الحقيقة ان ما في مشكلة وحدة، في مجموعة عوامل تخلينا نعيد حساباتنا. أولها، التباين في التوجهات السياسية. الإمارات دخلت في ملفات حساسة مثل الأزمة في اليمن، التطبيع مع إسرائيل، تقاربها مع الأسد في سوريا، وغيرها. واحنا في الكويت، حافظنا على خط أكثر تحفظًا، وهذا شي نحترمه ونعتز فيه. بس مو معناه اننا نطنش التغيرات حوالينا ونستمر نتصرف وكأن شي ما تغير.

الموضوع الثاني هو التواصل. العلاقات مع الإمارات أحيانًا تحسها ماشية على المجاملة، بدون وضوح. لا في خلاف معلن، ولا في تعاون واضح. وهذا أخطر شي في السياسة: العلاقات المعلّقة، اللي لا هي قوية ولا هي مقطوعة. لأن بهالحالة، كل طرف يفسر سكوت الثاني بطريقته، ويبدأ يصنع سيناريوهات، بعضها بعيد عن الواقع.

طيب، شنسوي؟

احنا مو قاعدين نطالب بعداوة ولا قطيعة. أبدًا. المطلوب شي بسيط جدًا: مراجعة. مراجعة صريحة، هادئة، بدون حساسيات. نقعد كدولة ونقول: احنا شنو نبي من العلاقات مع الإمارات؟ وشلون نقدر نطورها بطريقة تخدم مصالح الطرفين؟ وإذا في ملفات نختلف فيها، خل نناقشها بوضوح، بدل ما نخليها تتراكم في الخلفية.

الكويت تملك أدوات ناعمة كثير دول تتمنى تمتلكها. عندنا مصداقية، وعندنا إعلام محترم، وعندنا برلمان يعبر عن الناس. بس كل هالأدوات ما تنفع إذا ما استخدمناها لرسم سياسة خارجية قوية وواضحة. لازم نكون احنا المبادرين، مش المقلدين.

الإمارات كدولة شقيقة.. بس!

نعم، الإمارات دولة شقيقة، وعلاقتنا فيها ممتدة، وفي تاريخ مشترك. بس العلاقة الأخوية ما تعني التجاهل أو التغاضي عن أمور نعتقد إنها تحتاج توضيح. السياسة ما تُبنى على المجاملات، ولا على العواطف فقط. اليوم، علاقاتنا مع الإمارات يجب أن تُبنى على المصالح المشتركة، على التفاهم الحقيقي، مش على “خل الأمور تمشي والسلام”.

وبعدين، خل نكون واقعيين، إذا احنا ما تكلمنا، في غيرنا بيتكلم. وبيفسر صمتنا بطريقة تخدم مصالحه هو، مو مصالحنا. لذلك، الصراحة في السياسة مو ترف، بل ضرورة.

مثال بسيط!

خل نعطي مثال واقعي، موضوع حقل الدرة المشترك. شفنا شلون تم توقيع اتفاق سعودي-إماراتي لتطوير الحقل بدون الرجوع للكويت بشكل كاف. هذا الموضوع حساس جدًا، ويأثر على ثرواتنا وعلى سيادتنا. طيب، هل احنا اكتفينا برد فعل خجول؟ وهل هذا الموقف يعكس فعلاً مكانة الكويت؟ هنا تحديدًا، تظهر أهمية ان تكون هذه العلاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتنسيق الشفاف.

اللي نحتاجه اليوم مو مواجهة، بل مصارحة. العلاقات الخارجية مو حكر على فئة معينة أو جهة واحدة، هي تعكس توجه الدولة بالكامل، شعبًا وحكومة. وإذا الشعب بدأ يشعر إن العلاقات ما صارت تخدمه، أو إن في فتور غير مبرر، فمن حقه يطالب بمراجعة.

علاقات الكويت مع الإمارات مهمة، نعم. بس الأهم إنها تكون على أساس صلب، واضح، يحفظ حقوق الكويت، ويعزز مكانتها. مو غلط نراجع، مو غلط نعيد التقييم. الغلط الحقيقي هو إننا نسكت ونترك الأمور تمشي بروتين ممل، بينما العالم حوالينا يتحرك بسرعة جنونية.

الكويت تقدر، والتاريخ يشهد. بس لازم نقرر: هل نبي نكون متفرجين، ولا نرجع نكون لاعبين مؤثرين في محيطنا الخليجي؟

المصدر: كويت24