وزير الخارجية التركي الجديد/ هاكان فيدان من الدجى الى الضحى
سبتمبر من العام 2022. طائرة تحلق من انقرة التركية الى نيويورك الامريكية. ثم يحدث لقاء سري خلف الابواب المغلقة. جمع وزير الخارجية التركي الجديد و رئيس الاستخبارات التركي آنذاك هاكان فيدان مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل. لقاء كسر جليد علاقات متوقفة بين مصر وتركيا منذ سنوات.
في هذا المقال نحن لا ننوي ننقل السلبيات عن عذا الوزير التركي الجديد بل نتركه الى مقال آخر.
خلفية وزير الخارجية التركي الجديد
ذات الرجل الطائرة وفي ذات الشهر. كان وزير الخارجية التركي الجديد و رئيس الاستخبارات التركي آنذاك في العاصمة السورية دمشق.
و مع أنه يعرف بدوره البارز في ارسال السلاح الى الارهابيين و تسهيل وصول الارهابيين نفسهم الي سوريا الا و انه احتفظ قدرته التفاوضية حتى ما بعد أن خاب أملهم من اسقاط النظام السوري.
اشهر وبدأ حركة التفاوض تسير تقدم كبير في العلاقات المصرية التركية وانطلاق المفاوضات والاجتماعات مع دمشق لاعادة العلاقات مع سوريا و هذا كله من أجل ما يفعله وزير الخارجية التركي الجديد هاكان فيدان بما أنه يعرف بالرسام في السياسة التركية الخارجية والرجل الذي يتحرك كالاخطبوط في اروقة الدول.
انقذ وزير الخارجية التركي الجديد اردوغان من انقلاب كبير وكشف خفايا منظمات عجزت عنها دولة كاملة. هو “الذئب الاناضولي” كما يسميه البعض. ورجل الظل كما يطلق عليه الغرب او مهرب الارهابيين الى سوريا كما يقول له السوريين.
ها كان فيدان وزير الخارجية التركي الجديد خرج من الظلال
التغيير هو عنوان المرحلة في تركيا. اقتصاد يجب ان يتعافى
ومدن دمرها الزلزال يجب ان يعاد اعمارها. علاقات دولية ستعود للواجهة. والحكومة جديدة ترى النور للمرة الاولى.
ادى الرئيس التركي الفائز رجب طيب اردوغان اليمين الدستوري. ومن ثم خرج ليعلن عن حكومته الجديدة التي سترافقه لخمسة اعوام قادمة. اما ان يوطد فيها حكم وقوة حزب العدالة والتنمية او سيخسر الكثير مع حلفائه.
لكن التغيير طال حتى الاسماء التي خرجت في الحكومة الجديدة. الاسم الاكثر لمعانا كان محمد شنشيك. صانع المعجزة الاقتصادية التركية سابقا. عاد ليشغل منصب وزير المالية من جديد. وهو ما توقعه الجميع.
لكن الاسم اخذ كل الضجة وجذب كل الاضواء كان رجل الظل الذي لم يسمع صوته من قبل. لكن سمع عن افعاله كثيرا. موطن علاقات انقرة ورجل جسور المصالحات رئيس جهاز الاستخبارات السابق هاكان فيدان.
فمن هو وزير الخارجية التركي الجديد الذي اثار الجدل في الايام الماضية؟
هاكان فيدان او حقا فيدان. وزير الخارجية التركي الجديد و رجل المخابرات آنذاك الذي ذهب للولايات المتحدة من مهمة لا يعرفها احد. وعاد لشهادة البكالوريوس. وهو ذات الرجل الذي علم بانقلاب عام الفين وستة عشر قبل مدبر الانقلاب نفسه! و مع أن توجد خلافات كثيرة حول سبب الرئيسي للانقلاب و البعض ينسبونه الى اردوغان نفسه الا و ان الجميع يعترفون بذكاء هاكان.
ولد وزير الخارجية التركي الجديد فيدان في العام الف وتسعمائة وثمانية وستين في العاصمة التركية انقرة.
وهناك اكمل طفولته وتلقى تعليم المرحلة الاولى. حتى تخرج من الاكاديمية الحربية البرية عام ستة وثمانين. ليبدأ العمل في القوات المسلحة التركية برتبة ضابط صف. خلال عمله دار في مدرسة اللغات التابعة للقوات البرية.
ليرقى بعدها الى فن حاسوب في قسم المعلومات. وحينها كانت تلك هي البداية لدخوله الى عالم الاستخبارات. اذ عين بعد ذلك في رئاسة الاستخبارات والعمليات في فيلق الرد السريع التابع للناتو في المانيا. وشكلت تلك التجربة نقطة تحول كبيرة في حيات وزير الخارجية التركي الجديد.
بعد ذلك ارسل حقا الى الولايات المتحدة في مهمة خاصة. حصل من هناك على شهادة في العلوم السياسية والادارة من جامعة ميريلاند عاد لتركيا واكمل دراسته من جديد.
الاستخبارات و السياسات الخارجية
حيث درس وزير الخارجية التركي الجديد في قسم العلاقات الدولية بجامعة بلكينت وقدم رسالة بعنوان الاستخبارات والسياسات الخارجية مقارنة بين انظمة الاستخبارات الانجليزية والامريكية والتركية. وكانت تلك الرسالة تحديدا في العام الف وتسعمائة وتسعة وتسعين.
والتي اوضح فيها حاجة تركيا لشبكة مخابرات خارجية قوية. ما لفت الانظار له بشكل كبير. خصوصا انه حصل على الدكتوراه بعد ذلك من ذات الجامعة. وقدم رسالة جديدة في العام الفين وستة كانت اكثر حماسا. وحملت عنوان الدبلوماسية في عصر المعلومات استعمال تقنيات المعلومات في التحقق.
في ذات الفترة كان فيدان قد اختير عضوا في مجلس ادارة مؤسسة التعاون العسكري. وفي عام الفين وواحد كان قد استقال رسميا من القوات المسلحة التركية. وعمل كرئيس سي واقتصادي لسفارة استراليا في انقرة.
ثم حصل على العديد من الشهادات من جامعات ومنظمات
دولية كبرى منها الامم المتحدة.
من عمل الاستخباراتي الى العمل السياسي
دخل السلك الدبلوماسي والاستخباراتية بشكل رسمي في العام الفين وثلاثة. عندما عين رئيسا لوكالة التنسيق والتعاون التركي ثم عين مساعد لوزير الخارجية التركي انذاك احمد داوود اوغلو. وكان ذلك التعيين بطلب مباشر من رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان.
ومنذ تلك اصبح الرجل المفضل في محيط اردوغان وكاتم الاسرار الذي يعتمد عليه.
ارتبط فيدان بالعديد من الملفات رغم عدم حصوله على منصب مرموق. لكن رسائله السابقة كانت قد اعجبت اردوغان على ما يبدو. ليقرر وضعه في منظمة الاستخبارات الوطنية عام الفين وتسعة وذلك كنائب لرئيسها اماراتان. وبعدها بعام واحد بات الرئيس الفعلي للمنظمة.
ودخل تاريخ صغر رجل يشغل ذلك المنصب فيها. وهو بعمر
الثانية والاربعين فقط. قبل تعيينه رسميا شارك فيدان في مفاوضات مهمة للغاية مع قادة في حزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الارهاب التركية.
وذلك في اوسلو وقيل انه لعب الدور البارز في تلك المفاوضات. على الرغم من انهيارها في النهاية. وبعد وصوله قاد فيدان الاستخبارات التركية لمكانة مهمة داخل الدولة.
اجبرت في بعض اردوغان للتدخل لمنع مساءلة فيدان من قبل البرلمان او التدخل في اعماله. فقد تحول جهاز الاستخبارات في عهد فيدان الى جهاز يتحرك بين الدول ويبني علاقات مهمة معها.
على الرغم من انقطاع العلاقات الدبلوماسية مع بعضها. كما حدث مع مصر وسوريا في السنوات الماضية. فقد كان لفيدان
البصمة الاكبر في اعادة احياء العلاقات او المحادثات معها.
سابقا والان العام الفين وخمسة عشر قدم فيدان استقالته من رئاسة الاستخبارات وذلك بهدف الترشح للبرلمان ودخول عالم السياسية. وعلى الرغم من موافقة رئيس الوزراء انذاك على الاستقالة لكن ضغوطا من اردوغان اجبرته على العودة لمنصبه. وتأجيل عملية الدخول في المعترك السياسي.
ويذكر لحقان الاثر الاكبر في كشف محاولة الانقلاب عام الفين وستة عشر. اذ ذكرت تقارير تركية انه كشف المحاولة قبل تنفيذها بساعات. وهو من وجه المخابرات لافشال الانقلاب وحماية الشخصيات البارزة. على الرغم من توجيه
اردوغان بعض الانتقادات بعد الحادثة، لكن ما كشف لاحقا يوضح ان فيدان كان جزءا مهما في افشال محاولة الانقلاب على اردوغان والاطاحة بالديمقراطية من نوعها التركي.
ومن ثم قاد عملية الكشف عن عديد التنظيمات الموازية. مثل تنظيم جولن وتنظيم فيتو. الذي نجح من خلال جهاز الاستخبارات من الوصول لكثير من عناصرهم.
واخيرا ان يعفى من منصبه تحرك فيدان بخطوات مكوكية في مختلف عواصم المنطقة ليعيد العلاقات لمجاريها مع عديد الدول. وقد تكون تلك هي النقطة التي شجعت لوضعه وزيرا للخارجية.
الاخطبوط
ما ان تم تعيين فيدان وزيرا للخارجية حتى انهالت التساؤلات عن سبب اختياره. خصوصا انه يعود لخلفية عسكرية وهي سابقة لم تحدث من قبل في الحكومات المدنية التركية. الا ان علاقات يمكن ان تجيب عن ذلك.
شبكة العلاقات الدولية الخاصة بفيدان
فيدان وخلال عمله كرئيس للاستخبارات اسس شبكة عميقة من العلاقات الدولية. مع مختلف عواصم العالم. حتى انه زار بعضها في الوقت الذي كانت العلاقات الدبلوماسية منقطعة معها.
ما جعله الرجل الذي يتحدث مع الجميع. وفي ذات الوقت هو ابن الدولة التركية. ولعل ما حدث بعد تعيينه يوضح رؤية اردوغان في اختياره. فقد انهالت التبريكات من عديد الدول تحديدا على المنصب الجديد على رأس تلك الدول فرنسا والسويد واوكرانيا واذربيجان و ايران.
وقد كانت اوكرانيا قد لفتت الانظار من خلال تغريدة رئيس
المكتب الرئاسي بوصفه حقا فيدان بالحليف الكبير لكييف. يعتقد ان اردوغان اختار فيدان لعدة اسباب.
اولها تحقيق طموحه السياسي الذي انتظره كثيرا. وثانيا التغيير في جهاز الاستخبارات من خلال تعيين ابراهيم جالين على رئاسته.
وثالثا والاهم الاستفادة من علاقات وزير الخارجية التركي الجديد القوية اقليميا وخصوصا من دول المنطقة. اضافة لامتلاكه اوراق الضغط اللازمة ضد الخصوم المعلنين ما يساعده على التفاوض والضغط الدبلوماسي.
ومن جانب اخر سيساعد وزير الخارجية التركي الجديد اردوغان في اعادة احياء استراتيجية صفر مشاكل. خصوصا مع دول المنطقة والشرق الاوسط. اضواء كثيرة ستسلط على فيدهام في قادم الايام. بعدما خرج من الظل والصمت ليكون الصوت الذي سيتحدث كثيرا امام الحضور.