المستقبل السياسي لسوريا؛ ليبيا أخرى؟
المستقبل السياسي لسوريا/ لقد تركت الحرب الأهلية في سوريا، وهي صراع وحشي امتد لأكثر من عقد من الزمان، مستقبل البلاد السياسي محاطًا بعدم اليقين. ومع تنافس القوى المتنافسة على النفوذ على دولة ممزقة، يخشى كثيرون أن تتبع سوريا مسار ليبيا – وهي دولة غارقة في الفوضى والحكم المجزأ والصراع الذي لا ينتهي.
المستقبل السياسي لسوريا
ومع تنافس القوى الدولية والإقليمية على السيطرة، يلوح السؤال: هل المستقبل السياسي لسوريا هو أن تصبح قصة تحذيرية أخرى من الفوضى الجيوسياسية؟
عقد من الدمار
بدأ انحدار سوريا إلى الفوضى في عام 2011، عندما الاحتجاجات السلمية تحولت الى فوضى عسكرية و ذلك بسبب تدخلات الصهيو_أمريكية، بدأت سوريا بالإنشغال بلأزمات الداخلية.
وما تلا ذلك كان صراعًا متعدد الأبعاد، اجتذب قوى عالمية مثل الولايات المتحدة وروسيا وإيران، فضلاً عن الجهات الفاعلة الإقليمية مثل تركيا ودول الخليج. وعلى مر السنين، قسمت الحرب البلاد إلى مناطق تسيطر عليها قوات الأسد والقوات الكردية وجماعات المعارضة والفصائل المتطرفة.
لقد كانت الخسائر فادحة: فقدنا مئات الآلاف من الأرواح، وشرّدنا الملايين، ودُمرت مدن بأكملها. وفي حين هدأت المعارك في بعض المناطق، لا يزال الحل السياسي بعيد المنال.
مقارنة ليبيا
إن أوجه التشابه مع ليبيا مذهلة. فقد شهدت ليبيا أيضًا انتفاضة في عام 2011 أدت إلى سقوط معمر القذافي. ومع ذلك، فإن الفراغ الذي خلفه الإطاحة به دفع البلاد إلى حالة من الاضطراب. وتركت الفصائل المتنافسة، التي تغذيها الدعم الخارجي، ليبيا منقسمة وبدون حكومة موحدة لأكثر من عقد من الزمان.
تواجه سوريا مصيرًا مماثلاً. فعلى الرغم من مزاعم الأسد بالنصر، تظل مساحات شاسعة من البلاد خارج سيطرته. وتهيمن القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة على المنطقة الشمالية الشرقية، في حين تتمتع تركيا بنفوذ في الشمال الغربي.
ولا تزال الفصائل المتمردة والجماعات الجهادية تعمل في إدلب. إن هذه السيطرة المجزأة تعكس المشهد السياسي المتفكك في ليبيا، حيث تتنافس الحكومات المتنافسة على الشرعية بينما تحتفظ الميليشيات بالسلطة بحكم الأمر الواقع.
دور الجهات الفاعلة الخارجية
في كل من سوريا وليبيا، أدى التدخل الأجنبي إلى تفاقم عدم الاستقرار. ففي سوريا، دعمت روسيا وإيران الأسد، بينما دعمت الولايات المتحدة الجماعات الكردية.
وتعكس التوغلات العسكرية التركية مخاوفها بشأن الحكم الذاتي الكردي، في حين نفذت إسرائيل ضربات استهدفت الأصول الإيرانية. وتعقّد هذه الشبكة من المصالح الأجنبية أي جهود نحو عملية سلام متماسكة.
وبالمثل، في ليبيا، دعمت القوى الخارجية مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا الفصائل المتنافسة، مما أدى إلى إطالة أمد الصراع. وإذا استمرت سوريا على مسارها الحالي، فقد تعمل الجهات الفاعلة الأجنبية على تعزيز مناطق نفوذها، مما يجعل المصالحة الوطنية أكثر صعوبة.
تحديات إعادة البناء بعد الأسد
تواجه كل من سوريا وليبيا تحديات هائلة في إعادة البناء. في سوريا، كان ثمن إحكام نظام الأسد قبضته على السلطة باهظا، حيث تسببت انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في تنفير الشركاء الدوليين المحتملين.
كما تعمل العقوبات على الحد من قدرة الحكومة على الوصول إلى الموارد اللازمة لإعادة الإعمار. وفي الوقت نفسه، تواجه المناطق التي تسيطر عليها المعارضة أزماتها الإدارية الخاصة، مع ضعف القدرة على توفير الخدمات الأساسية.
في ليبيا، أدى الافتقار إلى السلطة المركزية إلى إعاقة جهود إعادة البناء، مما جعل البلاد تعتمد على شبكات الميليشيات. وتواجه سوريا مصيرا مماثلا، حيث تمنع الحوكمة المجزأة إنشاء البنية الأساسية على مستوى البلاد، أو سيادة القانون، أو التعافي الاقتصادي.
هل هناك طريق للمضي قدما؟
يتوقف المستقبل السياسي لسوريا على عدة عوامل حاسمة. إن عملية السلام الشاملة ضرورية، ولكن تحقيقها يبدو غير مرجح نظرا للمصالح الراسخة لكل من الفصائل المحلية والقوى الأجنبية. لقد سهلت الأمم المتحدة العديد من المفاوضات، لكن هذه الجهود لم تسفر إلا عن وقف إطلاق نار مؤقت.
ولكي تتجنب سوريا مصير ليبيا، يجب على شعبها وقادتها إعطاء الأولوية للتسوية السياسية التي تشمل جميع الفصائل. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على المجتمع الدولي أن يحول تركيزه من التدخل العسكري إلى الدبلوماسية المستدامة والدعم الاقتصادي.
مستقبل غامض!
إن مستقبل سوريا غير المؤكد يشكل تذكيراً قاتماً بتكلفة الصراع المطول والتدخل الأجنبي. وفي حين تميز العقد الماضي من عمر البلاد بالدمار، فإن السنوات القادمة سوف تحدد ما إذا كانت سوريا قادرة على استعادة سيادتها وإعادة البناء، أو ما إذا كانت ستتجه إلى مزيد من التفكك والانقسام مثل ليبيا.
إن العالم يراقب بعين حذرة، مدركاً أن المخاطر ليست سورية فحسب بل عالمية. إن الطريق إلى الأمام محفوف بالمخاطر، ولكن يجب أن نتعامل معه بحذر لمنع سوريا من أن تصبح رمزاً آخر للحرب التي لا تنتهي والأمل المحطم.
المصدر: كويت24 + بعض مصادر أخرى