دور الحج في توحيد الأمة الإسلامية/ الكعبة تجمعنا

في الأساس، التعاليم و المناسك في دين محمد صلى الله عليه و آله و سلم يسعى في توحيد الأمة الإسلامية وتضامنهم بغض النظر عن التنوع والعرقي واللغوي والطائفي. والجميع يؤمن برسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله و سلم. يعتبر جميع المسلمين القرآن كتابهم السماوي المقدس ويقرؤونه ليقتربوا من الحقيقة ويستفيدوا من روحانيته.

هل نجد مناسك آخر أكثر وضوحا من الحج في توحيد الأمة الإسلامية؟

إن إلقاء نظرة على تاريخ المجتمعات البشرية يظهر أنه لا يوجد عامل قادر على خلق القوة و عظمة و تقدم الأمم بقدر الوحدة والتماسك. من ناحية أخرى، كانت الخلافات والانقسامات هي العامل الأكبر الذي أعاق نمو الدول وتطورها. الوحدة والانسجام في المجتمع هي في المقام الأول حاجة طبيعية وضرورة عقلانية؛ من خلاله، يتم توفير المصالح العامة للمجتمع. الفتنة الداخلية تستنزف قوة المجتمع من الداخل و تجعل المجتمع معرض للإنهيار بأقل ضغط خارجي. تظهر دراسة التاريخ البشري والتقاليد الإلهية حقيقة أن الأمم السابقة دمرت بسبب الخلافات والنفاق و هذا هو يظهر لنا أهمية دور الحج في توحيد الأمة الإسلامية.

من عوامل نجاح الأمم المنتصرة والناجحة الوحدة والانسجام. يمكننا أن نرى نتيجة توحيد الأمة الإسلامية في تاريخ الإسلام. في ضوء تعاليم الإسلام الروحانية ومنها الحج والقيادة الحكيمة لنبي الإسلام (صلى الله عليه و آله وسلم) في جو الوحدة والأخوة، حقق المسلمون انتصارات كبيرة في فترة زمنية قصيرة، بحيث اتسع نطاق تجاوزت أراضي نفوذ الحكم الإسلامي شبه الجزيرة العربية. كما ذكرنا، كان الحج من تعاليم الإسلام العظيمة والمهمة. في هذا المقال، نبذل جهدًا لدراسة أبعاد وآثار الحج المتعلقة بوحدة المسلمين الذي جعل الكثير يقولون أن الكعبة تجمعنا.

قبل الدخول في المناقشة الرئيسية يجب تحديد ما هو المقصود بالوحدة والحج وأيضاً ما هو دور الحج في الوحدة و توحيد الأمة الإسلامية؟ ويجب تقديم تعريف محدد للموضوع حتى تكون المناقشة واضحة وشفافة للقراء الأعزاء.

ماهو معنى الإتحاد و الوحدة؟

في المعاجم نقل أن معنى الوحدة:

• 1. “وَحَّدَ الصُّفُوفَ” : جَعَلَهَا وَاحِدَةً. “وَحَّدَ البِلاَدَ” “وَحَّدَ الْجُهُودَ” “وَحَّدُوا آرَاءهُمْ”.
• 2. “وَحَّدَ اللَّهَ” : آمَنَ بِأَنَّهُ وَاحِدٌ فِي مُلْكِهِ تَعَالَى.
• 3. “وَحَّدَ الْمُتَعَدِّدَ” : صَيَّرَهُ وَاحِداً، أَيْ كَمَا يُقَالُ: “ثَنَّاهُ وَثَلَّثَهُ” : أَيْ جَعَلَهُ اثْنَيْنِ وَثَلاَثَةً.
• 4. “وَحَّدَ العَدَدَ” : زَادَ عَلَيْهِ وَاحِداً، نَقُولُ مَثَلاً: “وَحَّدْتُ العَشَرَةَ” : أَيْ جَعَلْتُهَا أَحَدَ عَشَرَ.

و معنى الإتحاد:

“الاتِّحَادُ اشْتِراكٌ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ بِأَنْ يَصِيرَا شَيْئًا واحِدًا، وَالاتِّحَادُ يَتَنَوَّعُ إِلَى أَنْواعٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا:

• 1- اتِّحَادُ الذِمَّةِ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ ذِمَّتَيْنِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَكونَ دَائِنًا وَمَدْيُونًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
• 2- اتِّحَادُ المَجْلِسِ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ متعاقدَينِ مَثَلاً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَالبَائِعِ والمُشْتري.
• 3- اتِّحَادُ الجِنْسِ أَوِ النَّوْعِ، وَهُوَ أَنْ يَكُون شَيْئَانِ مِنْ نَوْعٍ أَوْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالمَاعَزِ وَالضَّأنِ كِلاَهُمَا مِنَ الغَنَمِ.
• 4- اتِّحَادُ الوَزْنِ أَوِ الكَيْلِ، وَهُوَ أَنْ يَكونَ شَيْئَانِ كِلاَهُمَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ.
• 5- اتِحَادُ الحُكْمِ، وَهُوَ أَنْ يَتَّفِقَ شَيْئَانِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ كَخُروجِ الْبَوْلِ وَالغَائِطِ مَثَلًا، يَمْنَعُ كُلٌّ مِنْهَا الصَّلاَةَ.
• 6- اتِّحَادُ السَّبَبِ، وَمثاله أَنْ يَجْتَمِعَ سَرِقَتَانِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَكِلتا السَّرِقَتَيْنِ سَبَبٌ لِقَطْعِ يَدِهِ.”

و كما هو ظاهر من المعاني أن كلا اللغتين يشتركا في أنهما يعنيان: جعل الشيئين أو أكثر واحدا.

الحاجة إلى الوحدة والوحدة

في ظروف اليوم، عندما يحتاج “العالم الإسلامي” إلى تنمية سياسية واجتماعية من جهة، ويواجه تهديدات من جبهة الكفر من جهة أخرى، فإن التفاهم والتقارب و توحيد الأمة الإسلامية ضروري، وهو أساس وحدة وسلطة المجتمع في الأمة الإسلامية. ومن مشاكل المسلمين أن سوء التفاهم بين الطوائف قد وُجد بين المسلمين الذين لديهم الكثير من سوء الفهم تجاه بعضهم البعض. أي بغض النظر عن بعض الاختلافات الأيديولوجية، لديهم أوهام كثيرة في غير محلها حول بعضهم البعض. في الماضي والحاضر، كان هناك ولا يزال هناك مشاعلون هدفهم زيادة تشكك المسلمين تجاه بعضهم البعض. إن التهديد الذي يواجه المسلمين بسبب سوء الفهم في غير محله وعدم فهم بعضهم البعض بشكل جيد هو أكثر من التهديد الذي يواجههم بسبب الاختلافات الدينية.

لكن فيما يتعلق بالاختلافات الدينية، فإن المسلمين ليسوا بطريقة لا يمكن أن يتحدوا بها، ولا يمكنهم أن يكونوا إخوة مع بعضهم البعض، لأن الله الذي يعبده واحد، والجميع يقول “لا الله الله”. الكل يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه و آله وسلم، ويرى أن النبوة انتهت معه، ويعتبر دينه نهاية الأديان. كلهم يعتبرون القرآن كتابهم السماوي المقدس ويتلوونه ويعتبرونه أيضًا القانون الأساسي لجميع المسلمين. الجميع يصلي نحو القبلة نفسها. يصوم الجميع في شهر معين من السنة – وهو شهر رمضان – يعتبر الجميع يوم عيد الفطر وعيد الأضحى عيدًا لهم، ويؤدون جميعًا مراسم الحج بالطريقة نفسها ويتجمعون معًا في مكة وجميعهم يحبون النبوة ويحترمونها. فهذه تكفي لضم قلوبهم وإثارة مشاعر الأخوة والأخوة في نفوسهم.

المنافع الاجتماعية للحج و دوره في توحيد الأمة الإسلامية

تتمثل إحدى الفوائد الاجتماعية الأكثر وضوحًا للحج في خلق التفاهم وتقوية الأخوة وحل الاختلافات الدينية بين الطبقات الإسلامية. إذا تبين من دراسة الآيات والتقاليد أن دين الإسلام هو دين الوحدة والإتحاد، فإن أفضل وأنسب وقت ومكان لتحقيق توحيد الأمة الإسلامية هو موسم الحج. إذا تم الأمر بصلاة الجماعة، فيتمكّن سكان كل حي من إدارة شؤون حياتهم الجماعية بمساعدة بعضهم البعض، وإذا أمرت صلاة الجمعة، فيتمكّن الناس من الالتقا في ضوء المجتمع. والوحدة، حل لمشاكل الحياة الاجتماعية. فالحج أيضًا واجب كل عام، في زمان ومكان معينين، حتى يجتمع المسلمون من مختلف أنحاء العالم حول بيت الله ويمدوا يد الوحدة والأخوة لبعضهم البعض، وفي ضوء ذلك، حل مشاكل بعضهم البعض.