“الحج” عبادة جامعة ومركز عالمي للتوحيد
ان الحج يجمع المسلمين من جميع بقاع الدنيا ويجب أن نعرف من خلال هذه الآيات أن الهدف الإلهي وراء بناء سيدنا إبراهيم للكعبة كان إعداد مركز لأهل التوحيد يؤمه الناس.
فمكة المكرمة هي مكان ومقر تجمع لكل مسلمي العالم فبيت الله الحرام هو المركز الاسلامي الى يوم القيامة.
وكما جاء في الاحاديث والروايات أن الله سبحانه وتعالى أمر سيدنا ابراهيم بأن ينادي في الناس ان يأتوا هذا البيت زائرين. فقال: يارب، كيف أبلغ الناس وصوتي لا يصل إليهم؟، فقال: ناد وعلينا البلاغ. فقام على الحجر وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوا إليه. فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وسمع من في الأرحام والأصلاب. وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك وهذا لا يعني أن كل الناس على كل وجه الأرض ممن كانوا موجودين في ذلك الوقت. وممن ولدوا في المستقبل سمعوا صوت إبراهيم في نفس ذلك الوقت.
** الحج مركز عالمي للتوحيد
تعد فريضة الحج من أهم العبادات الاسلامية حيث تؤدى الشعائر المقدسة في بيت الله الحرام بمكة. في حين ان العلماء يعتبرون هذه العبادة جامعة لكل العبادات لاحتوائها على عدد كبير من الجوانب العبادية والاجتماعية بصورة كبيرة.
وأتى في القرآن الكريم فيما يخص شأن الحج من بعد بسم الله الرحمن الرحيم: “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّ” صدق الله العظيم. والمثابة هنا مرادفة لكلمة المركز بمعناها الحديث أي المكان الذي يجتمع فيه الناس ويكون مرجعا يرجعون إليه وجامعا يجمعهم ويصونهم من التشتت.
ويؤدون المسلمون الحج ويقومون بالشعائر الدينية في مكة من كل بقاع الدنيا ومن كل الاجناس، حتى تتدارك مكة وجوه البشر في كل مكان فيها وفي ضواحيها أيام الحج، وهم يتحدثون بلغات مختلفة، وأشكالهم ووجودهم تختلف كذلك، ولكن يتحد تفكيرهم بعد المجيء هنا، فالكل يسير نحو هدف مشترك، حتى إنه ليبدو أن هناك مغناطيسا ربانيا يجذب كل هؤلاء إلى نقطة واحدة مشتركة.
ونرى الآلاف بل الملايين من المسلمين في شكل واحد ومظهر موحد حيث يرتدي المسلمون لباس الاحرام المشترك حيث يجتمع هؤلاء الناس في جبل عرفات الفسيح في آخر الأمر بعد أداء مختلف شعائر الحج.
فتبدوا الصورة في غاية الجمال، حينها تزول الفروق والاختلافات بين البشر لتبرز وحدة المسلمين مجتمعين لهدف واحد وهو عبادة الله سبحانه وتعالى متغاضين عن جميع اختلافاتهم، ولو نظرت إلى الحجاج من أعلى جبل وهم مجتمعون في ميدان عرفات الكبير بملابس الإحرام، فسترى أن الإنسان قد اتحد على اختلاف لغاته وألوانه ومراتبه وجنسياته، وترى الشعوب والقوميات تنصهر في قومية واحدة جامعة.
فالكثير يصرح بأن مراسم الحج وشعائره أو موسم الحج يعد من أكبر المظاهر الاجتماعية من نوعها حيث انها تشكل حالة فريدة من نوعها ومن الصصعب أن تجد لها مثيل في أي مكان في العالم.
ويتوجه العالم الاسلامي كل يوم للكعبة ويقوم بأداء الصلوات الخمس، وتكون هذه القبلة حقيقة تصورية خيالية ولكنها تصبح حقيقة مرئية عندما تصل إلى مكة وتقوم بأداء الصوات الخمس، فتدرك حينها ان قبلة المسلمين بصورة محسوسة أن قبلة مسلمي العالم هي قبلة واحدة مشتركة بالفعل.
الحج عبادة تعطينا دروس مهمة في الاجتماعية فأيام الحج يقوم الناس بالطواف حول الكعبة بشكل دائري ويقوم المسلمين بالاصطفاف حولها لاداء صلواتهم على شكل دائري وتكون الكعبة مركز كل اتجاهاتهم خلال الحج.
فالكعبة هي النقطة المركزية لكل المؤمنين حول العالم، والسر العميق لوحدة الإسلام… لذلك وحدة الإسلامية في الحج هي التجمع حول مركز واحد. ولكن الذين يتخذون من الكعبة قبلة ليسوا هم كل مَن نراهم في المسجد الحرام؛ فهناك عدد هائل من المسلمين خارج الحرم وفي كل مكان على وجه الأرض، فالمسلمون في كل أنحاء العالم يتجهون خمس مرات كل يوم نحو الكعبة لأداء صلواتهم.
وما يجري في مكة المكرمة يحدث بصورة محدودة في صحن المسجد الحرام يحدث كل يوم على مستوى أعظم وأكبر في كل أنحاء العالم؛ فالمسلمون في كل مكان، ومن كل ناحية، يتجهون صوب الكعبة خمس مرات كل يوم لأداء الصلوات، وهم يقفون في كل أنحاء العالم حول الكعبة من جوانبها الأربعة…