التعاون بين الكويت و الناتو | الأسباب و التداعيات
تعود نقطة انطلاق التعاون بين الكويت و الناتو مع دول الحدود الجنوبية للخليج العربي إلى قمة الناتو عام 2004. وفي هذا الاجتماع تمت الموافقة على مبادرة اسطنبول التعاونية من أجل جذب دول هذه المنطقة، وبالتالي تمت دعوة هذه الدول للتعاون مع الناتو، وأدت هذه الدعوة إلى اجتماع هام في الرياض شارك فيه الناتو والدول العربية.
كاتب المقالة: جورج لابروتي باحث في الشؤون الشرق الأوسط في مركز جورجيا للعلاقات الدولية.
التعاون بين الكويت و الناتو
وقعت هذه الدول عدة اتفاقيات لإرساء الأمن في منطقة الخليج . وفي هذا الصدد، استجابت دول الكويت وقطر والبحرين ثم الإمارات العربية المتحدة بشكل إيجابي لهذه الدعوة ووقعت عقودًا مع الناتو و التعاون بين الكويت و الناتو يُفسر في هذا الإطار. الموافقة على عضوية المراقب للمملكة العربية السعودية في حلف الناتو، وإنشاء مكاتب عامة لحلف الناتو في البحرين، وإرسال مدربين ومتخصصين في مكافحة الأسلحة النووية إلى الكويت، كانت تتماشى مع تعزيز العلاقات بين الناتو ومجلس التعاون الخليجي.
التي وافق عليها اجتماع اسطنبول عام 2004. ومن الموافقات الأخرى لذلك الاجتماع، يمكن أن نذكر تدريب وتجهيز الوحدات العسكرية للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، بشرط تحقيق توضيح في الميزانية العسكرية وإصلاحات في المسائل الأمنية والعسكرية. في هذه المذكرة، ستتم مناقشة تعاون الناتو مع دول غرب آسيا والخليج أولاً، ثم أسباب وعواقب تعاون دول الخليج العربية، وخاصة الكويت، مع حلف شمال الأطلسي.
نبذة من تاريخ علاقات الناتو
خلال الحرب الباردة، لم تتسع علاقات الناتو مع الدول المذكورة أعلاه كثيرًا، لكن انهيار الاتحاد السوفيتي والتغيير في هيكل النظام الدولي عشية التسعينيات دفع هذه المنظمة إلى بذل سلسلة من الجهود للتواصل. مع أجزاء أخرى من العالم على جدول أعمالها، ويمكن العثور على أول ظهور لها في الحوارات المتوسطية. بدأت المحادثات المتوسطية في عام 1996 واستمرت حتى نوفمبر 2000 في جنوة بإيطاليا، حيث ناقش ممثلو الناتو والجزائر والنظام الصهيوني والأردن والمغرب وتونس سبل زيادة التعاون.
وعقب هذا الاجتماع، وقع النظام الصهيوني اتفاقية أمنية مع الناتو في أبريل 2001. بعد شهر من حادثة 11 سبتمبر وأعمال الناتو في البحر الأبيض المتوسط في مكافحة الإرهاب، عُقد مؤتمر حول وضع خطة أمنية جديدة لمستقبل التعاون الأمني الإقليمي في البحر الأبيض المتوسط ، والتي دفعت العلاقات بين الجانبين إلى مرحلة جديدة.
الناتو في الخليج و ردود الفعل
ومع ذلك، فإن الموافقة على خطة اسطنبول للتعاون والحوار المتوسطي كان لهما ردود مختلفة في المنطقة. وبعد الموافقة على الخطط المذكورة، حدثت تغيرات في العلاقات بين الناتو ودول المنطقة العربية بما في ذلك التعاون بين الكويت و الناتو، تبعها في شكل مفاوضات، ولقاءات مشتركة، وحوارات سياسية، وإبرام عقود أمنية واستخباراتية. وفيما يتعلق بخطة اسطنبول، ردت دول الكويت والبحرين وقطر والإمارات بشكل إيجابي على الناتو حتى نهاية عام 2005.
وفيما يتعلق بالحوار المتوسطي لحلف الناتو، انضمت ست دول عربية متوسطية، يمكن القول إنها مرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط، إلى الخطة المذكورة ورحبت بها. في غضون ذلك، نظر الرأي العام في المنطقة إلى هذه الخطط بتشاؤم. في الواقع، كان رد فعل الرأي العام في الشرق الأوسط سلبيا على خطط الناتو بسبب الخلفية التاريخية والسلبية للدول الأعضاء في الناتو في هذه المنطقة وفرض الحروب المتتالية وما إلى ذلك.
ولكن فيما يتعلق بمنطقة الخليج، فإن انضمام الدول الأربع الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إلى خطة اسطنبول للتعاون و التعاون بين الكويت و الناتو يعني أن هذه الدول ترحب بوجود الناتو في المنطقة. كما أن عقد مؤتمرات مشتركة مع الناتو ولقاء مسئولي الجانبين لتوسيع العلاقات يؤكد هذا الأمر.
وبناءً على ذلك، فإن إبرام دول منطقة الخليج لعقود الأمن والسلاح مع الناتو، يُظهر في المقام الأول خوف بعض الدول من انعدام الأمن، والأهم من ذلك، عدم قدرتهم على توفير الأمن في المنطقة؛ على سبيل المثال، صرح عبد الرحمن العطية، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، في الاجتماع المشترك لهذا المجلس وحلف شمال الأطلسي في الكويت في ديسمبر 2009: “الحوار السياسي والتعاون بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي وحلف شمال الأطلسي يمكن أن يكون إطاراً مناسباً ونقطة تحرك لحفظ الأمن، والاستقرار في هذه المنطقة المهمة”.
كما شدد العطية على ضرورة النظر في تفاهم كلا الجانبين بشأن “التهديدات المحتملة” و “استعادة التوازن الاستراتيجي في منطقة الخليج الفارسي”. وفي هذا الصدد، وفي ندوة أخرى في قطر عام 2005، اقترح العطية التعاون المتبادل مع الناتو وقال: “يمكن للدول الأعضاء في الناتو أن تلعب دورًا أساسيًا في تأمين منطقة الخليج”.
وقال: “نعطي هذا الضمان لحلف شمال الأطلسي لضمان أمن المنطقة بإذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. خاصة وأن مجلس الأمن وافق على عدة قرارات منذ بداية الحرب العراقية الإيرانية”.
دور الكويت في تعزيز العلاقات بين الناتو الدول الخليجية
وفي هذا الصدد، وفيما يتعلق بـ التعاون بين الكويت و الناتو أو الحلف الشمال الأطلسي، ينبغي القول إن الكويت هي أول دولة تنضم إلى خطة اسطنبول للتعاون منذ عام 2005. وبعد أن أصبحت هذه الدولة عضوا في الخطة المذكورة، عقدت اجتماعات مشتركة بين الطرفين وأبرمت العديد من الاتفاقيات.
على سبيل المثال، في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2009، عقدت إدارة الدبلوماسية العامة بحلف الناتو مؤتمراً بعنوان “الناتو ودول الخليج : مواجهة التحديات المشتركة من خلال خطة اسطنبول للتعاون” في الكويت وتبادلت وجهات النظر حول مختلف القضايا الأمنية”. كانت جميع دول الخليج الست حاضرة في هذا المؤتمر.
وفي العام نفسه أيضًا، وقعت الكويت اتفاقية بشأن تبادل المعلومات الاستخباراتية والأمنية، واتفاقية العبور مع الناتو. بعد ذلك، في 9 سبتمبر 2007، سافر نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إلى الكويت واجتمع مع المسؤولين في ذلك البلد وتبادل وجهات النظر حول توسيع التعاون.
بعد ذلك، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، أقيمت مناورة لمدة ستة أيام مع وجود سفن عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي على مسافة بين جزيرتي “أم المراد” و “قروة” في شمال وشمال غرب الكويت. وعقب زياراته السابقة، قام نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بزيارة رسمية للكويت في يناير 2009، ناقش خلالها المصالح المشتركة مع السلطات الكويتية.
أيضا، في 5 ديسمبر 2013، قام وفد وزاري من الكويت بزيارة مقر الناتو والتقى ببعض المسؤولين في هذه المنظمة. وعقدت هذه الاجتماعات في إطار التعاون في اسطنبول بهدف تعزيز التعاون الفردي والشراكة بين الناتو والكويت. خلال هذه الرحلة، شارك الوفد الكويتي في ورشة عمل تحدث فيها خبراء الناتو عن تطور وجود الناتو في الخليج، والتعاون العسكري، وإدارة الأزمات، إلخ.
أسباب التعاون بين الكويت و الناتو
فيما يتعلق بأسباب التعاون بين الكويت و الناتو بشكل عام، يجدر القول أن البيئة الأمنية للخليج واللغز الأمني الذي يحكم هذه المنطقة قد خلق ظروفًا لحلف شمال الأطلسي في المنطقة تعتمد الكويت على دعم هذه المنظمة كأحد أسباب إرساء أمنها و أمن منطقة الخليج.
من ناحية أخرى، من الممكن أن نعلق على التعاون بين الكويت و الناتو بأنه يبدو أن الكويت تورطت في الإطارات الإقليمية التقليدية من أجل ضمان الأمن ، وبالتالي فهي تواجه مشاكل خطيرة للديناميكية والتنقل في هذا المجال. بالنسبة للكويت، التي تعتبر حليفًا تقليديًا للولايات المتحدة، يمكن أن يؤدي دخول جهات أمنية جديدة إلى تنويع الخطط الأمنية لهذا البلد.
فيما يتعلق بعواقب التعاون بين الكويت و الناتو، وبالنظر إلى نفوذ الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، ينبغي القول إن توسيع وجود الناتو في الخليج يمكن أن يصبح عاملاً مؤثراً في الأمن القومي الخليجي. بالنظر إلى عضوية تركيا في الناتو، يمكن أن يصبح هذا الوجود أداة لتوسيع وجود هذا البلد في الخليج. من ناحية أخرى، طورت الكويت علاقات واسعة مع الصين وروسيا خلال العام الماضي، ويمكن أن يؤثر قرب البلاد من الناتو على هذا التعاون.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.