يقول الخبراء لموقع “كويت24” إن إغراق أنفاق غزة سيلحق ضرراً بإمدادات المياه والزراعة – وقد ينتهك القانون الدولي.
إغراق أنفاق غزة بمياة البحر | ماهو الهدف؟
قبل القصف المستمر على غزة من قبل إسرائيل، كان الوصول إلى المياه النظيفة في القطاع المحاصر بالفعل نادراً بالنسبة للفلسطينيين. وقد يزداد الوضع سوءًا قريبًا بعد بدأ إغراق أنفاق غزة.
بدأ الجيش الإسرائيلي في إغراق أنفاق غزة التي تستخدمها حماس في غزة، وفقًا لتقرير في صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء.
خمس مضخات كبيرة لنقل مياة البحر
ذكرت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن إسرائيل قد انتهت من تجميع ما لا يقل عن خمس مضخات كبيرة لمياه البحر بالقرب من مخيم الشاطئ للاجئين في شمال غزة. هذه المضخات قادرة على سحب المياه من البحر الأبيض المتوسط ونقل آلاف الأمتار المكعبة في الساعة.
ويفكر المسؤولون الإسرائيليون في خطة لـ إغراق أنفاق غزة على مدى عدة أسابيع، في محاولة لتفكيك الشبكة وإضعاف الجماعات المسلحة الفلسطينية.
وقد أخبر باحثون متخصصون في المياه والدبلوماسية والصراعات موقع “كويت24” أن إغراق أنفاق غزة سيكون له آثار بيئية ضارة، بما في ذلك تلوث إمدادات المياه في غزة المتضررة بالفعل وإلحاق الضرر بمحاصيلها.
انتهاك القانون الدولي
يمكن أن تصل التأثيرات إلى انتهاك القانون الإنساني الدولي، وفقًا لأحد الخبراء.
لم تقدم إسرائيل رسميًا أي تفاصيل حول خطة الإغراق، معتبرة أن المعلومات سرية. لذلك فإن مدة وشدة الإجراء المقترح غير معروفة.
قالت جوليان شيلينغر، الباحثة في جامعة توينتي في هولندا، لموقع “ميدل إيست آي”: “بينما النطاق العام وحجم التأثير غير واضح، يمكننا أن نتوقع بشكل معقول أن بعض مياه البحر ستتسرب إلى التربة من الأنفاق، خاصة في المناطق التي تعرضت الأنفاق فيها للتلف من قبل.”
وأضافت شيلينغر، المتخصصة في التفاعل بين الصراع وإدارة المياه، أن التسرب سيؤدي إلى تلوث محلي للتربة والمياه الجوفية بمياه البحر.
وقالت: “من المهم أن نضع في اعتبارنا أننا لا نتحدث فقط عن مياه ذات محتوى ملحي مرتفع – مياه البحر على طول الساحل المتوسطي ملوثة أيضًا بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، والتي تُصرف باستمرار في البحر الأبيض المتوسط من نظام الصرف الصحي المعطل في غزة.”
الخزان الوحيد للماء في غزة مهدد من قبل الصهاينة!
يتعرض الخزان الجوفي الساحلي في غزة، وهو المصدر الوحيد للمياه في القطاع المحاصر، للتلوث بالفعل بسبب الإفراط في الضخ والصرف الصحي.
يتم توفير المياه بشكل متقطع للفلسطينيين في القطاع عبر مضخات تسيطر عليها إسرائيل. في بداية الصراع الحالي في أوائل أكتوبر، أغلقت إسرائيل المضخات تمامًا لعدة أيام.
حوالي 96 بالمئة من مياه المنازل في غزة ملوثة وغير صالحة للاستهلاك البشري. ونتيجة لذلك، يعتمد معظم الفلسطينيين في القطاع على صهاريج المياه الخاصة غير المنظمة ومحطات تحلية المياه غير المرخصة.
محطات تحلية الماء معطلة عن العمل بسبب الصهاينة
المياه من هذه المحطات غالبًا ما تكون ملوثة، وفقًا لدراسة أجريت في عام 2021. حرب إسرائيل على غزة أجبرت ما لا يقل عن ثلاث محطات تحلية رئيسية على وقف عملياتها.
وقال مايكل ماسون، أستاذ الجغرافيا البيئية في كلية لندن للاقتصاد، لموقع “ميدل إيست آي”: “جودة المياه السيئة جدًا في غزة هي نتيجة لوضع لا يوجد فيه مجال حقيقي للفلسطينيين لتحديد إدارة مواردهم المائية بأنفسهم”.
وألقى ماسون باللوم على “آثار الحصار الإسرائيلي المستمرة والمعيقة، والتراجع الاقتصادي المتواصل، والنزاعات المسلحة المتكررة”.
وأضاف أن أي آفاق لإعادة بناء البنية التحتية للمياه بعد الحرب ستعتمد على الوصول إلى الخزان الجوفي، الذي سيزداد ملوحة وتلوثًا بسبب خطط الإغراق.
قال ماسون: “لقد تدهور الخزان الجوفي بالفعل نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لمياه الصرف الصحي وتسرب المعادن الثقيلة من الاستخدام العشوائي للذخائر”.
وأشارت شيلينغر إلى أنه في حالة تخزين حماس للمواد السامة في الأنفاق، يمكن أن يتفاقم التلوث بسبب غسل هذه المواد في التربة والمياه الجوفية.
الزراعة في غزة ستصاب بأضرار طويلة الأمد!
وأضافت أن إغراق الأنفاق بمياه البحر سيتسبب في أضرار طويلة الأمد للزراعة في غزة، التي طالما دمرتها العمليات الإسرائيلية.
وقال ماسون: “استخدام الأراضي للزراعة تأثر بشدة بالهجمات العسكرية والاحتلال ونزوح السكان”.
وأضاف: “بفرض أن القطاع الزراعي يمكن أن يُعاد إحياؤه بطريقة ما في المستقبل، فإن المياه الجوفية المحملة بالملح ستقيد خيارات المحاصيل بشكل كبير”.
بالإضافة إلى التأثير البيئي، أثارت خطة الإغراق أيضًا مخاوف بشأن سلامة الأسرى الإسرائيليين الذين تم أسرهم خلال هجمات حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، والذين قد يتم احتجازهم في الأنفاق.
في الشهر الماضي، شارك بعض الأسرى الذين أفرجت عنهم حماس شهاداتهم عن احتجازهم إما في أنفاق تحت الأرض أو في مخابئ.
حكومة السيسي هي أول من قامت باغراق الانفاق في غزة
لن تكون هذه هي المرة الأولى التي تُملأ فيها الأنفاق في محاولة لإضعاف حماس – فقد أغرقت مصر الشبكات بالصرف الصحي في عام 2013 وبمياه البحر بعد ذلك بعامين.
فعلت القاهرة ذلك في جهود لمنع التهريب المزعوم للأسلحة والموارد والمقاتلين بين جنوب غزة وشبه جزيرة سيناء.
أدى إغراق مياه البحر قبل ثماني سنوات إلى غمر منازل وأعمال مدنية في غزة بالمياه، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بإمدادات المياه والأراضي الزراعية.
من المحتمل أن تجادل إسرائيل بأن إغراق أنفاق غزة “متناسب” كهدف عسكري بموجب القانون الدولي، نظرًا لاستخدام الشبكات من قبل المقاتلين الفلسطينيين.
ومع ذلك، أشار ماسون إلى أن الإجراءات التي تسبب أضرارًا طويلة الأمد للبيئة غير قانونية.
وقال: “الإغراق المستمر والشامل لشبكة الأنفاق سينتهك تلك المعايير من القانون الإنساني الدولي العرفي التي تحظر وسائل الحرب التي تهدف إلى، أو قد يُتوقع منها، التسبب في أضرار واسعة النطاق وطويلة الأمد وشديدة للبيئة الطبيعية”.
وأضاف: “من المرجح أن يكون هذا الانتهاك للقانون الإنساني الدولي أكثر احتمالًا نظرًا لأن الخزان الجوفي أساسي لاحتياجات المياه للسكان المدنيين وهو بالفعل على وشك الانهيار طويل الأمد”.
المصدر: كويت24 + مصادر أخرى
