آراء ومقالاتالخليجالعالم

الرد على سؤال رئيسي: من الفائز في حرب غزة؟

الرد على سؤال رئيسي: من الفائز في حرب غزة؟ فی عالم الیوم، حيث أصبحت “قوة المدنية” أكثر تحديدًا للاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية في العالم من أي عامل آخر، تعتبر التظاهرات الشعبية الاستثنائية والمستمرة في الدول التي تكون حكوماتها من أبرز داعمي إسرائيل، إشارة إلى حقائق مكتومة في مجتمعات مختلفة وعمق الفجوة بين آراء الجمهور وسلوك الحكومات.

من الفائز في حرب غزة؟

الصراع بين الحق والباطل في أرض فلسطين المقدسة، خلال آخر مواجهته التي استمرت لمدة تقرب من ستین يومًا حتى الآن، وخلال هذه الفترة، يسأل الرأي العام العالمي بشكل رئيسي حول من الفائز في حرب غزة الغير متكافئة؟

بشكل منطقي، يمكن الإجابة على سؤال من الفائز في حرب غزة، من خلال وجهين: “وجه الميدان” و “وجه الاستراتيجية”. فتحليل كل من هاتين الجانبين وكذلك نتائجهما قد يقدم تقديرًا أدق للفائز في هذا الصراع.

الفائز في حرب غزة
 

الاجابة على من الفائز في حرب غزة؟، من وجهة النظر الميدانية؛ رغم أن الكيان الصهيوني كان يعتقد أنه يمتلك القدرة على استعادة هويته المفقودة بعد “طوفان الأقصى”، وعلى الرغم من أنه خلال هذه الفترة قتل أكثر من إحدى عشرة ألف شخص، حيث كانت أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، فإن تقييم الظروف الميدانية واعتراف خبراء الجيش والأمن يظهر أن الكيان الصهيوني لم يتمكن حتى الآن من إدخال قوة مقاومة ضاربة تحد من قوته الأساسية أو حتى تقييدها.

في هذه الفترة، اشتدت موجة الهجرة العكسية في الأراضي المحتلة، وبسبب تصاعد المشاكل والأزمات الداخلية، قام المواطنون الإسرائيليون بالتظاهر والاعتراض بشكل مستمر على سياسة الحرب وبالتالي عجز حكومة نتنياهو عن تأمين أمانها.

بالإضافة إلى التوترات السياسية في هيئة حكم الكيان الصهيوني، تتزايد يوماً بعد يوم قوات الجيش وأجهزة الأمن، وهذا يضعف استقرار وتوازن هيكل هذا النظام مع تحديات غير مسبوقة.

في المقابل، تحول الشعب في غزة وأيضًا على الحدود الجنوبية، بروح مزدوجة، وأثناء دعمهم الكامل لمجموعات المقاومة، إلى محركين للصراع ضد العدو الاحتلالي والغازي. ليس فقط زاد التناغم بين مكونات المقاومة الفلسطينية بشكل غير مسبوق بل وأدى دعم جماعي من قبل مجموعات المقاومة في العراق ولبنان واليمن للمقاومة الفلسطينية إلى تعزيز هذا الجبهة بطريقة غير مسبوقة.

اقرأ ايضاً
أهمية الوعي الاعلامي تحت المجهر/ هوس مرضى بنظرية المؤامرة أم واقع لا يمكن تجاهله؟
الغالب في حرب اكتوبر
 

و لكن من الناحية الاستراتيجية الاجابة على سؤال من الفائز في حرب غزة؟، يظهر الفشل المحتوم للصهيونيين والحكومة الهزيلة لنتنياهو بوضوح، حيث لم ينجحوا فقط على مر السنين في محاولاتهم لتشويه الحقائق وتبرير الظلم والعدوان بفضل استيقاظ الرأي العام العالمي تجاه طبيعة جريمتهم، بل وأيضًا بفشل أسطورة عدم هزيمة إسرائيل في الأبعاد الإعلامية والعسكرية والأمنية، مما جعل هيمنتهم اللاهزمة تتشقق وتتساقط، وأصبحت وجودية النظام تُشكك فيها.

وفي هذا السياق، تعكس التظاهرات الشعبية الاستثنائية والمستمرة في الدول التي تكون حكوماتها من أبرز داعمين لإسرائيل، عمق الفجوة بين آراء الجمهور وسياسات الحكومات.

في العالم اليوم، حيث أصبحت “قوة المدنية” أكثر تحديدًا للاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية في العالم من أي عامل آخر، يجب أن يُعتبر هذا الحدث كخسارة استراتيجية لا يمكن تعويضها بالنسبة للنظام الصهيوني.

المنتصر في حرب غزة
 

مع هذه التفسيرات، يظهر بوضوح على الجميع أن الدعاية الحربية لحكومة نتنياهو بشأن السيطرة على غزة وتبرير الهجمات على مراكز العلاج، والتي تتمثل أحدث مثال لها في مستشفى الشفاء في غزة، تشبه إلى حد كبير عملية نفسية ناجمة عن العجز في الميدان بدلاً من الواقع، خاصةً بعد مرور أربعين يومًا، في حين لم تتمكن بعد من دخول غزة رغم التلفيات البشرية الكبيرة والخسائر العالية في الأدوات العسكرية، وهذا حتى أكثر في الأراضي الزراعية الضيقة هناك.

النقطة المهمة هي أن التطورات في الأيام الأربعين الماضية، سواء من الناحية الميدانية أو من الناحية الاستراتيجية، أصبحت واضحة تمامًا، مما يجعل تحقيق إسرائيل للهدف الاستراتيجي المعلن بشأن تدمير حماس غير قابل للتحقق بأي حال من الأحوال.

استيلاء جيش الكيان على قطاع غزة وتدمير العديد من الدبابات والمركبات المدرعة ومقتل مئات الجنود والضباط في المعارك الأخيرة تعتبر رمزًا واضحًا للهزيمة الميدانية لإسرائيل أمام تيار فكري-معتقدي، حتى لو تم تدمير كل الإمكانيات والتجهيزات في تصريحهم الاستراتيجي لتدمير حماس، إلا أنه بسبب الدعم الواسع والنطاق الذي يتمتعون به، فإن وجودهم في الأساس ليس قابلًا للتدمير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى