عاجلکویت

بالفيديو.. محمد الحسيني: هل يمكن للروبوت أن يؤلّف روايات وقصصاً ويحصل على جائزة «نوبل» في الأدب يوماً ما؟!

  • «دماغ الإنسان» أقوى كمبيوتر يقوم بعمليات مُعقّدة لا يستطيع أي جهاز تنفيذها في وقت واحد
  • لدى البشر مرونة هائلة في استخدام اللغة والتفاهم ولو بلهجات وأساليب يسمح لنا ذكاؤنا بفهمها
  • «البرمجة» تختلف عن لغتنا كبشر بكونها جامدة كلياً وأي خطأ ولو بسيطاً يؤدي لتعطيل كامل النص
  • تزويد الآلة بـ «الوعي» يعني ضرورة امتلاكها لقدرة حاسوبية هائلة تضاهي قدرات دماغ الإنسان
  • الآلة لا تمتلك ميزات «الوعي» البشري الذي يؤهل الإنسان للإبداع والابتكار.. فذكاؤها غير واعٍ
  • الإنسان منذ نشأته يبحث عن القيمة والمعنى.. فكيف ستتمكن الآلة من صنع معنى وروح للنص؟!
  • الذكاء الاصطناعي يُمكِّن الآلة من محاكاة العقل البشري بالقدرة على التفكير والاستفادة من التجارب

أسامة أبوالسعود

هل نستشرف مستقبل الأدب اذا تخيلنا يوما ان الروبوت أو «البوتات» أو غيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة يمكن ان تصبح مؤلفا مبدعا يكتب ويروي لنا اجمل القصص، ويسرد لنا أمتع الحكايات، وربما يحصل يوما ما على جائزة نوبل في الأدب؟!

تلك الاسئلة واكثر مما يدور في مخيلتنا استعرض واقعها واستشرف مستقبلها مدير تحرير جريدة «الأنباء» الزميل محمد بسام الحسيني خلال ندوة ممتعة بعنوان «أثر الذكاء الاصطناعي على أدب المستقبل» أقيمت مساء الخميس بقاعة الـ vip ضمن أنشطة معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ 45 بحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالوكالة د.عيسى الأنصاري وجمع من المثقفين والإعلاميين.

بدأ الزميل محمد الحسيني ندوته، التي قدمتها الزميلة هناء المشتولي، بالحديث عن عنوان شامل و«فضفاض» يستخدم لوصف ما يتوقع العلماء أنه سيكون طبيعة الحياة على الأرض، وربما الفضاء المحيط بها مستقبلا، حيث يكون للآلة كيانها الخاص وذكاؤها الذاتي، مضيفا انه يمكن القول إننا اليوم في بداية طريقنا نحو هكذا عالم، والذي نأمل ببلوغه عبر الاستمرار في تعليم الآلة من خلال برمجتها ثم إعطائها فرصة التجريب والتصحيح، ولكن أيضا عبر زيادة قدراتها الحاسوبية لهذه الغاية.

ذكاء غير كامل

وقال الحسيني أن تعليم الآلة الحالي، كما في السيارات ذاتية القيادة والروبوتات في الجراحة الطبية و«البوتات» التي تشاركنا النقاشات بوسائل التواصل الاجتماعي، لا يعني ذكاء اصطناعيا كاملا، لأن الذكاء يفترض أكثر من ذلك، إذا الأفضل في المرحلة الحالية أن نتواضع في العنوان عبر تحويله من «أثر الذكاء الاصطناعي في أدب المستقبل» إلى «أثر تعليم الآلة في أدب المستقبل».

وأضاف: يجب أن نشير إلى أن لغة الآلة (البرمجة) تختلف عن لغتنا كبشر في كونها جامدة جمودا كليا، فأي خطأ ولو بسيطا فيها، بنقطة أو فاصلة، يؤدي إلى تعطيل كامل النص بانتظار التصحيح، بينما نحن كبشر لدينا مرونة هائلة في استخدام اللغة والتفاهم ولو بلهجات مختلفة، وبأساليب تعبير يسمح لنا ذكاؤنا الفطري بفهمها.

ذائقة الأدب

وأشار إلى أن صعوبة الأدب الآلي تكمن في حقيقة أن إنتاجه عمل فني أيضا، لذلك فهو يعتمد على الذائقة في الاتجاهين: الأول «ذائقة الكاتب» الذي يراقب العالم فتتولد لديه مشاعر، ومنها يبتدع فكرته ثم يعبر عنها نصا، والثاني «ذائقة المتلقي» الذي يستقبل النص في وعائه المعرفي والعاطفي، ويرى منه ما يتناسب مع فهمه، وبذلك تتعدد القراءات وزوايا الفهم لكل نص ورواية، وهذا لا يزال بعيدا أيضا عن الآلة.

وبين ان هناك أيضا الوعي وهو الميزة الكبرى التي تفتقدها الآلة بمضامينها الفرعية، الشعور والإرادة، وهو صعب جدا أن ينتقل إلى الآلة، مضيفا «إرادة البشر تكمن في أنهم يعون، فيشعرون، ثم يريدون»، مشددا على ان «زخم هذه الدينامية يعتمد على محفزات، والآلة لا حافز لديها، أقله في عالمنا الحالي».

روح النص

وانتقل إلى صناعة المحتوى ذاته، مشيرا إلى صعوبة أخرى تقف في وجه الآلة الأديبة، وهي أن منطق اللغة هو «مجازا» منطق كيميائي أكثر منه ميكانيكيا أو إحصائيا «فالآلة يمكنها إحصاء الكلمات وتبيان استخداماتها، وتركيبها في نصوص جديدة واحتمالات لا حصر لها، لكن الإنسان منذ ان كان يبحث عن القيمة والمعنى، فكيف ستتمكن الآلة من صنع معنى وروح للنص؟!».

ولفت إلى ان الخلط اللغوي قد ينتج معاني عشوائية أو نمطية، أي أنها تنتظم في أنماط، لكن لا فكر واع فيها، والقارئ سيكون متلقيا مدركا لمصدر الفكرة «غير الواعية»، وبالتالي «غير القاصدة»، وهذا بذاته يؤدي بتقدير النص مهما كان جميلا ويحوله من تحفة إلى صدفة.

أما عن الكتابة التي كانت تحولا مهما في كل مراحل تطورها، وحملت تأثيرا كبيرا على الإنسان، فقال «كما تنقلنا الآلة المتمثلة بالحواسيب اليوم إلى مراحل جديدة، مع أننا أيضا شيئا فشيئا نفقد قدرتنا على التحكم بها، إذ إننا نأخذ ما تقدمه لنا تلقائيا دون أن نفكر بحجم التعقيد المتزايد بمرور الزمن والدائر داخلها من عمليات، فهي تتحول إلى ما يشبه الفانوس السحري نناديه فيخرج لنا ما نريده».

وتابع متسائلا: فماذا لو طرقناه وطلبنا أن يخرج لنا بكتاب يحمل أسماءنا كمؤلفين أو ربما رواية؟! موضحا ان الآلة تساعد اليوم في صناعة الأدب أو حتى الأخبار الصحافية، عبر تنفيذ ما يرد من خطوات في الخوارزميات التي يعدها مبرمجو الكمبيوتر، ويمكن بكل تأكيد أن يتعلم كل منا الأجزاء الخاصة بالبرمجة في مجال عمله حتى يكون قادرا على إعدادها بنفسه، لافتا إلى ان العملية ليست صعبة وأشبه بتعلم أي لغة جديدة، فإذا كنت طبيبا تتعلم كيف تنجح الأمور الخاصة بعيادتك وأدواتك أو مهندسا أو صحافيا أو فنانا أو أي مهنة أخرى.

البرمجة والأدب

وذكر الحسيني انه في الماضي كانت البرمجة وعلوم الكمبيوتر موضوعا مستقلا عن الأدب، بل إن الموضوع الأول علمي والآخر أدبي، ولكن اليوم ومع التطور الهائل للمعرفة الإنسانية وتقنيات تعليم الآلة المنبثق من البرمجة والعلوم العصبية المعرفية أصبحت المساحة المشتركة بين المجالين كبيرة، وكبيرة إلى حد أنه لا يمكن الفصل بينهما، مبينا انه لم يعد من الممكن فصل البرمجة أيضا عن أي مجال علمي آخر، فكل نظرية أو تجربة جديدة اليوم تحتاج إلى أن نمثلها أو نحاكيها عبر الكمبيوتر، ونكشف لها برنامجا لتدور المحاكاة أمام أعيننا ونتوصل للخلاصات والنتائج.

وأوضح أن تعريف الذكاء الاصطناعي بالأساس هو تمكين الآلة من محاكاة العقل البشري، أي محاكاة القدرة على التفكير والاكتشاف والاستفادة من التجارب السابقة للتعلم، وكما نرى اليوم هي لا تقوم بذلك بشكل كامل حتى الآن، وإنما تساعد على ذلك فقط لأنها لا تمتلك ميزات «الوعي» الإنساني الذي يؤهل الإنسان للإبداع والابتكار، فيمكن القول إن ذكاء الآلة غير واع.

ظاهرة الوعي

وشدد على انه وعلى الرغم من التقدم العلمي المطرد مازال العلماء بانتظار فهم متكامل لظاهرة الوعي، هذه القدرة التي تسمح للإنسان بفهم وتحليل بيئته ومحيطه والتحكم به واتخاذ القرارات المستقلة بإرادة حرة، هل الوعي ظاهرة ترتبط بعدد عمليات معالجة المعلومات المعقدة في دماغ الإنسان أم شيء آخر؟ مؤكدا على ان الحديث عن جذور الوعي وارتباطه بالبرمجة والمعلومات يقودنا إلى «نظرية التعقيد»، أي أن يقوم مجموع الأجزاء في كيان ما معا بمهام معقدة لا يقوم بها كل جزء على حدة كما هو الحال مع دماغ الإنسان الذي يعد أقوى كمبيوتر في الكون!

وزاد: وأيا كان الجواب، فإن الوعي هو شرط أساسي للإبداع والابتكار الأدبي الإنساني، وإذا كان الوعي نتيجة لـ «التعقيد» في عمليات الدماغ، فإن تزويد الآلة به يعني الحاجة لتزويدها بقدرة حاسوبية هائلة تضاهي عدد وقدرات دماغ الإنسان وربما أكثر، مؤكدا على اننا لا نزال بعيدين عن هذا السيناريو اليوم، حيث إن عدد العمليات الحاسوبية المطلوبة لذلك ضخم، بل هائل مقارنة بقدرات كومبيوترات اليوم التقليدية وسعاتها التخزينية على أهميتها، مشيرا إلى أن الكمبيوتر اليوم يمكن بسهولة فائقة أن يقوم بآلاف العمليات من هذا النوع ليساعدنا على التحكم بملايين النصوص المحفوظة عبر التاريخ لنعيد تشكيلها.

إبداع الروبوت

وشرح الحسيني عددا من الأمثلة التي توضح آلية إبداع الروبوت في البحث قائلا: يمكن مثلا أن نذهب إلى أي محرك بحث «غوغل» مثلا، نختار أشهر 100 روائي عربي، ثم 10 أعمال لكل منهم، أو مجمل أعمالهم، إن وجدت، ونجمعها معا في ملف ثم نعطيها للآلة التي تملك جميع قدرات البحث والعد والتمييز والمقارنة والاستخراج وغيرها ونبرمجها لتحصي، على سبيل المثال كلمة «الحب» في كل نص، ثم نستخرج الجمل التي ترد فيها الكلمة عند كل كاتب، وبعدها نحدد من هو الأكثر استخداما، وكيف عبر كل منهم عن الحب، ونجمع كل الجمل في كتاب كفكرة أولية، ويمكن أن نسميه «أقوال أشهر الروائيين العرب عن الحب»، فعمل كل هذا كان يتطلب في الماضي فترات طويلة.

اقرأ ايضاً
حكومة العاجل أمام اختبار «رفاهية المواطنين».. بقرارات

واستطرد: اليوم، يمكن إعداد كتاب كهذا في وقت قصير جدا إذا كتبت البرمجة والخوارزمية المناسبة، ويمكن أن نركز على استخراج أي جمل نريدها وأي مفردات مع أي عدد من الأحرف وأي صيغ للقواعد والأوزان وغيرها، هذه التقنيات والقدرة على التعامل مع بحر من النصوص على مدى التاريخ الموجودة أمامنا كورقة واحدة بين أيدينا، المطلوب منا أن نستفيد منها في عمليات إعادة تشكيل أو تدوير أو تركيب أو تجريب، سمها ما شئت، هي ما تتيحه الآلة أمامنا اليوم.

البرمجة العصبية

وتابع: قبل الختام، لابد من الإشارة إلى أن هذا المجال، الذي بالكاد نلامسه في هذه المحاضرة، أوجد حلولا لمواضيع كثيرة تتعلق بمجال «البرمجة العصبية اللغوية» فيما يخص تصنيف المفردات وأجزائها ومركباتها وصوتياتها وغيرها، لافتا إلى انها أمور يساعد الإلمام بها كثيرا في الكتابة الأدبية، فيمكن أن تكتب نصا وتطلب من الكمبيوتر في النهاية استبدال كل الأسماء بمرادفاتها أو بمضاداتها، أو أن ينقل مختلف الجمل التي نكتبها إلى صيغة النفي!

واشار إلى إن تعليم آلة أمرا بحجم اللغة سهل جدا، لكن جعلها تبدو كأنها تعي ما تقوله يتطلب ما ذكرناه في بداية المحاضرة عن الوعي، وهو أمر لانزال بعيدين جدا عنه، لذلك في المستقبل القريب ستؤلف الآلات روايات وتكتب كتبا، لكنها لن تقوم بذلك بشكل مستقل تماما عنا، ولن يكون في الغالب بالعمق أو المستوى الذي نريده، ولا ذو معنى دائما، وأشبه بالـ «بوتات» في وسائل التواصل حاليا وبالتالي فإنها لن تفوز بجائزة «نوبل» قريبا!

واختتم ندوته قائلا «مع ذلك يبقى دورها المهم في مساعدتنا على إنتاج الأدب متناميا ومتصاعدا.. لذا يمكن القول إن أدب المستقبل لن يكون مستقلا عن الآلة».

الكمبيوتر والفلسفة

ضمن حديثه، استعرض الزميل محمد الحسيني أمثلة عن التطور التاريخي قبل ظهور الكمبيوتر بكثير، حيث قام أحد الفلاسفة في الماضي بصنع عجلة من ورق وراح يقسمها عبر الخطوط إلى مثلثات، وفي كل منها كتب أسماء تتعلق بالطبيعة: الشمس، الورود، الطيور، السماء، وإلى جانبها وضع عجلة أخرى قسمها لمئات الخانات وكل منها حملت صفة تتعلق بالطبيعة، وعجلة ثالثة للأفعال، ثم راح يدير العجلات لتقف عند تجميع معين لثلاث كلمات ليستوحي منه فكرة جديدة.

«الهايكو» الياباني

بين الحسيني ان استخدام الآلة يكون أسهل عند الرغبة في كتابة نص شعري ذي قالب معين، مثل «الهايكو» الياباني أو أي شعر يعتمد على القافية والوزن، ويتبع أنماطا معينة لأنه كلما حددنا ما نريد من الآلة في البرنامج المكتوب لها فإنها تكون أقدر على تلبية ما نرغب.

كتاب في أسبوع

خلال الندوة، اشار الحسيني إلى تجربة عالمية تم اجراؤها في تكساس قبل فترة اسمها Book Patch حملت تحديا عبر وسائل التواصل لمجموعة مؤلفين ليبث كل منهم كتابا في أسبوع واحد، ووضعت خطة من ضمنها مساعدة البرامج المتخصصة في هذا المجال مثل Jasper وغيره.

«حبسة الكتابة».. والشعور بالعجز

لفت الحسيني إلى ان لغة البرمجة Java تقدم برامج وخوارزميات شهيرة تدرس مع المناهج الأكاديمية للبرمجة مثل Diastic Machine التي بدأها الفنان والشاعر الأميركي جاكسون ماك لو عندما اختار جملة من رواية «الأمواج» لفيرجينيا وولف هي Ridiculous In Piccadilly، ثم راح يجمع نصوص كتاب آخرين ويبحث فيها عن كلمات، الأولى تحمل الحرف الأول من العنوان، والثانية الثاني، والثالثة الثالث.. وهكذا، مشيرا إلى انه ومع تكرار العملية لاحظ أنه يخرج بأفكار بعضها في غاية الروعة وتساعده على التخلص مما يسمى بـ «حبسة الكتابة» أو الشعور بالعجز عن توليد الأفكار الخلاقة.

مدير تحرير الصحيفة.. والتكنولوجيا الحديثة

خلال حديثه، أشار الزميل محمد الحسيني إلى جانب عملي على دقة ومهنية الإنسان في القيام بعمله وخاصة المسؤول الصحافي، قائلا: إلى جانب الدور التحريري لمدير تحرير الصحيفة هو عادة أيضا مدير تحرير صفحة الويب أو الشبكة الخاصة بها، وبناء على برمجة مسبقة يقوم بإدخال المعلومات من مواضيع وصور ويعدلها وتقوم الصفحة باستقبال تعليقات القراء ومشاركاتهم وتفاعلاتهم.

وتساءل: لكن ماذا لو لم يكن مدخل البيانات مدير التحرير كما أفعل أنا في «الأنباء» أو محرر الويب أو أي إنسان آخر وإنما جهاز يتلقى الأخبار من حول العالم صوتيا أو نصيا، ويقوم هو بناء على برمجة ذاتية له بتولي مهام المحرر؟ هكذا يمكن أن تكتب الآلة اليوم الخبر دونما تدخل بشري، وماذا لو لم يتعلق الأمر بالأخبار وإنما بكتابة الآراء والانطباعات.. وصولا لتأليف كتاب؟

الكتابة ستجعلنا كسالى!

اثناء الندوة، استشهد الحسيني على آلية التفكير والمنطق قبل اكثر من 2000 عام، مشيرا إلى حوار بين الفيلسوفين الإغريقيين أفلاطون وأستاذه سقراط، حيث شكا سقراط من أن تطور الكتابة سيجعلنا كسالى، لأنه يضعف اعتمادنا على ذاكرتنا وسأل سقراط: كيف سنستمر وسيتكل كل منا على ذاكرته ويحافظ على قدرته على الحفظ إذا استمررنا في الاعتماد على الكتابة؟

واكد انه قد يكون للاعتماد على الآلة في إنتاج الأدب سلبيات، فلو عدنا إلى حوار سقراط وأفلاطون لوجدنا أنهما كانا يتحدثان عن سلبيات للكتابة!

الحسابات الوهمية.. والتأثير السياسي والتجاري

استعرض الحسيني عددا من الامثلة حول الحسابات الوهمية وتأثيراتها في التسويق وأحيانا التأثير السياسي والتجاري قائلا: بالانتقال إلى الأمثلة العملية، أود أن أعطيكم مثالا عما نتحدث عنه وما يمكن نقله إلى مراحل أخرى ليكون نواة الأدب الآلي وهو الـ bot أو «الروبوت» في وسائل التواصل الاجتماعي بأقسام خدمات الزبائن في الشركات.

وأضاف: هناك شركات وأشخاص متخصصون في إنشاء حسابات وهمية تديرها روبوتات مبرمجة لتجمع تغريدات أو تدوينات وتوجهها وتعيد صياغتها ثم تنشرها، وتلعب دورا مهما في التسويق وأحيانا في التأثير السياسي والتجاري، و«إذا كنا نستطيع برمجة حساب ليقوم بكتابة تغريدة أو تدوينة، فما الذي يمنع أن نطور العملية لنجعله يؤلف نصا كاملا ثم عملا أدبيا كاملا؟!». ولفت إلى ان الأمر يعتمد على عدة جوانب، أهمها: البرمجة نفسها، أي إعطاء سلسلة تعليمات متابعة للكمبيوتر لينفذها، والسلسلة وفق موضوعنا تأليف نص أو كتاب، فالأمر يعتمد إذن على تزويدها بمدخلات ربما تكون عددا هائلا من البيانات والنصوص الأدبية وتطلب منها مخرجات وفقا للبرمجة التي زودناه بها، وهنا يكون الإبداع في البرنامج نفسه الذي يعالج ويحلل ويقرأ ثم يجمع ويقدم النص المطلوب. وشدد في الوقت ذاته على ان هذه النصوص كما نعلم تنتج آليا و«بلا وعي»، لأن الآلة الحالية لا تملك الوعي الذي يتعدى تحليل ومعالجة وتجميع البيانات والمعلومات إلى فهم سياقاتها في الذاكرة.

فهم المزاج العام وترجمة إبداعاتنا

أشار الحسيني خلال الندوة إلى ان ما تستطيعه البرامج هو تحليل الخطابات وفهم المزاج العام من خلال متابعة وسائل التواصل مثلا عبر أخذ عينات كافية وإعطاء خلاصات وتوقعات، ثم يمكنها كذلك أن تتخذ قرارات إذا كنا قد برمجناها لذلك، لكنها لن تتخذها من تلقاء ذاتها، لذا فإنها مازالت تترجم إبداعنا وترتكز عليه وإن بقدرات أكبر كونها بالنهاية آلة لا تتعب.

«روبوت» تتذمر من روايات رومانسية

قال الحسيني ان الآلة يمكنها قراءة ملايين النصوص دون كلل أو ملل، لكنها لا تبدع بذاتها، وهو عرض أدبي في أعمال عالمية مثل «أدا» وهي رواية للكاتب أنطوان بيلو وبطلتها «روبوت» تتذمر من تكليفها بكتابة روايات رومانسية شعبية بناء على المدخلات التي تزود بها، لكنها ترغب وتطمح لإنتاج ذاتي، وهي لن تستطيع ذلك، وتظل «أدا» خيالا علميا بمعايير اليوم لأن الأدب ليس مجرد تنفيذ أوامر وترتيب للجمل كما أوضحنا!

مصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى