ما دور الحج في محاربة التنظيمات الإرهابية ؟
شهد العالم في الآونة الاخيرة العديد من الظواهر الإرهابية “التنظيمات الإرهابية” التي أحدثت خللاً في الأمن العالمي. ومن أبرز هذه الظواهر ظهور تنظيم داعش الإرهابي وغيره من التنظيمات التي أحدثت خللا أمنيا في المنطقة، فظهور التنظيمات الإرهابية في السنوات السابقة زاد من النشاط الإرهابي في المنطقة وفي العالم.
وبعد فشل القوات الأمنية واللجان الشعبية في التصدي لهذه الظاهرة وانسحاب بعضها من مناطق النزاعات وتقليصها في مناطق أخرى، وتوفر مجموعة من الظروف والسياقات التي تدفع التنظيمات الإرهابية إلى ابتكار وسائل جديدة في نشاطها سواء في هجماتها أو التجنيد. وتناقش هذه الورقة تلك المتغيرات بغرض التعرف على تأثيراتها المستقبلية المحتملة في حالة الإرهاب في العالم سواء فيما يتعلق بتنامي هذه المنظات أو زوالها.
واشارت دراسات الى انه من المحتمل زيادة في النشاط الإرهابي في العالم بشكل كبير على الرغم من تلقي التنظيمات الإرهابية ضربات موجعة طوال السنوات السابقة.
** يقظة العالم ضد المنظمات الإرهابية
بعد التهديدات التي قامت بها المنظمات الارهابية وتنفيذها لعدد من الضربات في مختلف بقاع العالم، فهمت الدول الكبرى أهمية مواجهة التنظيمات التي لا تفهم سوى لغة القتل والعنف بهدف تنفيذ أجنداتها السياسية.
فالذي دفع العالم للتوجه لمواجهة التطرف للتنظيات الارهابية هو نتائج عمل هذه الجماعات على الساحة الدولية وتأثيرها على السلم الدولي.
** مكافحة الارهابي والتطرف
فمعضم الدول تشجب وبأشد العبارات الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، وتجدد التزامها على الدوام ليس بمواجهة والتصدي للإرهاب فحسب، بل بمحاربة الأيدولوجيات المتطرفة التي تغذي العنف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية بمنتهى الوحشية ومنها تنظيم داعش و…
فخطر هذه التنظيمات على الدول النامية كبير جدا حيث يستهدف استقرارها وأمن مواطينينا والمقيمين فيها ويهدد نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الفتي.
فظاهرة الارهاب العالمية تتجاوز كل الحدود والثقافات والأديان، وإن محاربتها والتصدي لأفكارها تستدعي تضافر كافة الجهود من مختلف الأطراف، إلا أن حربنا مع الإرهاب ليست حرباً عسكرية فقط، لأن الإرهاب ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه، ويتطلب كل وجه أسلوباً خاصاً لمواجهته، ولهذا فإن الجهود المبذولة لتحدي التطرف والإرهاب يجب أن تعالج كل مرحلة: بدءاً من معالجة جذور الراديكالية، إلى مكافحة عمليات التجنيد، ووصولاً إلى المشاركة الفعالة في المجتمع.
** إرهاب منسوب للمسلمين
تُنفذ التنظيمات الارهابية اعمالها الارهابية باسم الاسلام أو يعلنون عن دوافع إسلامية أو أهداف إسلامية سياسية، حيث يعتمدون هؤلاء الإرهابيين على تفسيرات معينة من القرآن والأحاديث النبوية الشريفة وهم لا يفقهون شيئا في الدين لا من قريب ولا من بعيد، لتبرير هجماتها العنيفة تجاه الآخرين بما في ذلك القتل الجماعي والإبادة الجماعية والعبودية.
ففي السنوات الاخيرة وقت حوادث إرهابية ليس في الدول ذات الاغلبية المسلمة بل القارة الاوروبية ايضا وعلى نطاق واسع في العالم وبالاخص في القارتين الامريكيتين، ومثل هذه الهجمات لا تستهدف المسلمين فقط بل تستهدف المواطنين بغض النظر عن معتداتهم ودياناتهم.
وبناء عليه فإن ربط أو حصر الارهاب بالمسلمين فقط لهو تسمية مغلوطة ولا تبت للواقع بصلة، وانتقد جميع المفكرين والسياسيين استخدام عنوان المسلمين الارهابيين حيث يرونه بأنه استخدام مبطن لهذا المصطلح. ومثل هذا الاستخدام في الخطاب السياسي الغربي وصف بأنه “غير مفيد” و”مسيس إلى حد كبير.
** فشل السياسات في مواجهة التطرف
مازال العالم يفتقد الى الاستراتيجية المتكاملة والشاملة والفعالة والمستدامة لمواجهة كل من التنظيمات الارهابية والتطرف في مختلف بقاع العالم.
وفشلت ايضا الحركات السياسية العالمية في توجيه وتظافر جهود الدول لتقديم فكر شمولي يواجه التطرف ويرفضه بين جميع طبقات المجتمع، بل ان بعضهم حاول القاء اللوم على الاسلام والمسلمين وحولوا توجيه التهم للعالم الاسلامي، مما دفع الوضع الى اندلاع معركة فكرية كبرى من اجل اظهار حضارة وماهية الاسلام الحقيقية ورد هذه التهم على اصحابها.
فالجهود التي بُذلت سابقا من قبل الحكومات لتصدي للتنظيمات الارهابية كانت متناقضة الى حد كبير لأنها كانت تعمل لخدمة اغراض متعارضة.
لذلك لم يؤدّي التعاون الامني مع هذه الحكومات في مواجهة التنظيمات الارهابية الى تحقيق مساعي الشعوب والدول، بل زاد من التطرف الفكري للتنظيمات الارهابية وزاد من مواقفهم السلبية.
** الحج ومواجهة التطرف والتنظيمات الارهابية
مراسم الحج وشعائره قادرة على توحيد جميع مسلمي العالم لفتح جبهة شعبية وتوجيهها ضد التطرف والتنظيمات الارهابية في العالم. فأطماع التنظيمات الارهابية لا تنحصر في منطقة الشرق الاوسط فقط بل انها تسعى لزعزعة الامن العالمي بأكملة.
وانطلاقا من أرض الحرمين التي تُعد الحصن الاسلامي المنيع وعاصمة الإسلام، يتوجب على المسلمين باختلاف عقائدهم وطوائفهم وعرقهم محاربة التطرف والفكر الارهابي.
فتجمع مسلمي العالم في مراسم الحج يعد من أكبر التجمعات الاسلامية التي تندرج تحت اسم طائفة معينة بل تندرج تحت راية الاسلام المعتدل.
فالحج يُعد مناسبة روحية وسياسية مهمة للغاية، فهذه المراسم والشعائر المقدسة مركز الاستشارات الشعبية بين الدول الإسلامية خارج سيطرة الحكومات، وبالتالي فإن توحيد المسلمين لمواجهة التطرف والارهاب العالمي يساعد في زيادة تقارب الأمة الإسلامية فيما بينهم، وباستطاعة المسلمين في حال اتحادهم ان يصبحوا اقوى في مواجهة التنظيمات الارهابية من الحكومات التي تنادي بمحاربة التطرف والتنظيمات الارهابية.
فالمسلمين باستطاعتهم القيام بما لم تستطع حكومات العالم القيام به.