السعودية وايران… مستقبل المنطقة إلى أين؟
يُعد تشكيل الأحلاف بكافة أنواعها العسكرية والإقتصادية عملية معقدة وذات شروط بنيوية يصعب تحقيقها أو تأمينها، ويرى المحللون أن الشراكة التي تصنعها كل من السعودية وايران بشكل كلي سترسم مستقبل المنطقة.
** المملكة العربية السعودية واستقطابها للقوى العظمى والاقليمية
ان حجم الاحداث والتطورات التي وقعت في السنوات الاخيرة في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم أثبتت أن المملكة العربية السعودية تمثل القوة العربية الاقليمية الفريدة من نوعها، بل وانها رائد محور الاعتدال في المنطقة، و أثبتت أنها القادرة على تحمّل الصعاب، وحماية المنطقة بفضل قدرتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والبشرية.
أضف الى ذلك ايضا قيادتها الحكيمة في بناء المستقبل وصناعة الرؤى، وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة، بل وانها تسعى الى حفظ وحدة الأمة وتماسكها وتمكينها من مواجهة الاختراقات العديدة، والتي يحاول الأعداء زرعها في جسد الأمة، ومؤكدة أنها كانت وما زالت مركزا للتعايش الأمثل، والسلام الدائم بين جيرانها منذ القدم، نظرا لشجاعتها، وإقدامها وإخلاصها لقضيتها ومنهجها لنبذ كل ما يعيق الاستقرار والسلام العالمي والاقليمي.
وليست القوة العسكرية وحدها التي زادت من أهمية الدور القيادي للممكة العربية السعودية للمنطقة فحسب، وإنما السياسة الاقتصادية أيضاً، إضافة إلى إعادة هيكلة سياستها الخارجية؛ لتعزيز مكانتها الدولية والإقليمية وحفظ دورها المستقبلي الذي يجب أن يكون على مستوى التحديات القائمة، كأكثر الخيارات حيوية، ولذا فإن قوة الردع السعودي شهدت نموا قلّ أن يشهد العالم مثيلا له على مر التاريخ في غضون فترة وجيزة، من أجل الحفاظ على السلام وتعزيز الأمن الدولي والإقليمي وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة، وتعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتعايش المجتمعي.
المملكة العربية السعودية تحاول استقطاب القوى العالمية والعربية العظمى اى المنطقة لتشكيل تحالف قوي يقف أمام الصعوبات والازمات العالمية.
وكما شهد العالم منذ عدة ايام توجة الرئيس الامريكي جو بايدن، الى المملكة العربية السعودية استعدادا للمشاركة في القمة العربية الأمريكية، والتي ستكون بحضور عدد من دول الخليج العربي. وستتركز مجموعة من الاجتماعات حول تعزيز العلاقات بين القوى الاغقليمية والعالمية العظمى ومناقشة عدد من الملفات المهمة في مقدمتها أزمة الطاقة العالمية وسبل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
وأكدت كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية خلال الاجتماعات التي عُقدت في المملكة على أهمية حل النزاعات الدولية بالطرق الدبلوماسية والسلمية، وتخفيف الأزمات عن طريق تقديم الدعم الاقتصادي والمالي لدول المنطقة الأكثر احتياجا، مؤكدين على أهمية مبدأ السيادة والسلامة الاقليمية، وضرورة دعم حكومات المنطقة التي تواجه خطر الإرهابيين أو الجماعات التابعة والمدعومة من قوى خارجية.
وتحاول الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية تعزيز وتوسيع أوجه التعاون والمنجزات في مجالات عديدة ومختلفة ومنها الطاقة والتعاون في مجال المناخ، الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار، الأمن والدفاع، التعاون في مجال تقنيات الجيل الخامس والسادس وشبكة وصول الراديو المفتوحة، الأمن السيبراني، استكشاف الفضاء.
في يحن انه أكد خبراء استراتيجيون أن إنشاء تحالف عربي يضم الدول العربية، على غرار اتفاقية الدفاع العربي المشترك، سواء عبر تفعيلها أو بحث تعديلها، أو طرح إطار عام خاص بها، فهو أمر مطلوب وبإلحاح من أجل حفظ منظومة الأمن القومي العربي، ومواجهة معركة التجاذبات السياسية الدولية والإقليمية.
** ايران وتحالفاتها الجديدة
يُعد تشكيل الأحلاف بكافة أنواعها العسكرية والإقتصادية عملية معقدة وذات شروط بنيوية يصعب تحقيقها أو تأمينها، ويرى المحللون أن الشراكة التي تصنعها كل من روسيا والصين وإيران وتركيا سترسم مستقبل المنطقة.
في الفترة الاخيرة تم توسيع وتعزيز العلاقات بين بكين وطهران عبر توقيع الطرفين لاتفاقية اقتصادية كبيرة جدا بين البلدين لمدة 25 عاماً، ويُعد في وقتنا الحالي توقيع مثل هذه الاتفاقيات الاقتصادية تتويجاً لتنامي العلاقات الاقتصادية والتجارية والعسكرية بين البلدين منذ عقود.
وقال المحللون والخبراء ان محتويات وجزئيات الاتفاق ستتضمّن استثمارات ضخمة في قطاعات البنية التحتية والصناعة والاقتصاد والبتروكيماويات، أضف الى ذلك أن الاتفاقية تنص على تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي ومكافحة الإرهاب، وتربط إيران بشكل كبير بالمشروع الصيني الأضخم والذي يُدعى بمبادرة الحزام والطريق كأداة للتأثير العالمي.
ورحبت بدورها موسكو بالاتفاق الذي تم بين بكين وطهران، وصرحت وزارة الخارجية الروسية مشيرة الى إن المبادرة الصينية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط منسجمة مع المواقف الروسية، مؤكدة أن بكين تعرض خطة بناءة للعمل، تقضي بالتخلي عن النظر إلى هذه المنطقة من ناحية التنافس الجيوسياسي.
وترى ايران ان الشرق الشرق الأوسط يمكن أن يكون منطقة تتعاون فيها روسيا والصين وايران وتركيا، فبالنسبة لموسكو سيساعد النفوذ الصيني في تقليص طموح الغرب الجيوسياسي. إن التعاون الصيني الايراني سيكون موضع ترحيب من موسكو، وسيُنظر إليه على أنه عنصر ضروري لتحقيق التوازن والأمن الإستقرار للمنطقة.
في حين ترتبط كل من تركيا وإيران والصين بعلاقات تحالف قوية مع روسيا، حيث شاركتا (ايران والصين) في مناورة بحرية مشتركة معها شمال المحيط الهندي عام 2019، أيضا تحظى روسيا بعلاقة قوية مع إيران، ففي عام 2001، وقعت موسكو وطهران اتفاقية تعاون مدتها 10 سنوات، متخصصة بالمجال النووي، وتم تمديدها.
ويرى البعض ان هذا التحالف السياسي والعسكري بين طهران وموسكو وبكين أكثر تأثيراً في المنطقة مما يبدو عليه، حيث لا يقتصر على مجرد التنسيق، بل يتعداه لتوحيد المواقف على الساحة الدولية لتحقيق أمن واستقرار المنطقة لمستقبل أفضل لها.
في حين تقوم ايران باقامة قمة ثلاثية تُركز على ملف النزاع في سوريا تجمع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بنظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب اردوغان، اللذين سيعقدان بدورهما لقاء ثنائيا يرتبط بتداعيات الازمة الروسية الاوكرانية. وسيصل الرئيس الروسي لطهران في الفترة القادمة، وستأتي بعد أيام من زيارة قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن الى الشرق الأوسط.
ويستضيف رئيسي اردوغان وبوتين في أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019 ضمن إطار عملية أستانا للسلام الرامية لإنهاء النزاع السوري المندلع منذ العام 2011.وأدت كل من روسيا وإيران وتركيا دورا محوريا في النزاع السوري منذ اندلاعه. وقاد دعم موسكو وطهران للرئيس بشار الأسد الى تغيير المعادلة على الأرض لصالح قواته، بينما دعمت تركيا فصائل معارضة له.