طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي/ تعرف على زوايا الاقتصادية لعملية طوفان الاقصى
حينما نتكلم عن طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي نشير الى نيران طوفان الأقصى الذي جعلت أوروبا ترتعد برداً حتى قبل أن يحل عليها الضيف الثقيل، الذي أرق الأوروبيين لشهور طويلة. الشتاء يقرع أبواب القارة العجوز في وقت قررت فيه إسرائيل إيقاف تصدير الغاز عبر مصر ومن ثم إلى أوروبا، فارتبكت أسواق الغاز الأوروبية وارتفعت الأسعار، وعادت مشاهد القلق والخوف مجدداً.
كان خبراء الطاقة يعاينون أضرار طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي هو الذي سيتضرر في الدرجة الأولى. جاءت فنلندا بالنبأ الحزين مع خروج خط الغاز الذي يربطها مع استونيا عن الخدمة، وأخبار تؤكد أن الخط تعرض للتخريب كما تعرض من قبله خطي أنابيب الغاز “نورد ستريم”.
- فكيف أصبح حال السوق الأوروبي بعد هذه الأنباء؟
- وما هو حجم ثروة إسرائيل من الغاز؟
- وما هي الدول التي انضمت إلى سوق الغاز العالمي؟
- عملية طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي؛ ماهي العلاقة؟
- هل هناك علاقة بين طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي ؟
طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي
كانت إسرائيل تستورد تقريبًا كل احتياجاتها من النفط والغاز، لكن اكتشافات الغاز الطبيعي البحري أحدثت تحولا في قطاع الطاقة. تفت تل أبيب ذاتياً من الغاز الطبيعي وأصبحت من الدول المصدرة و لكن طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي تعتمد على بعضها البعض اعتمادًا كبيرًا و بعد هذه العملية أوروبا باتت ترتب أوراقها من جديد.
لكن اسرائيل ما زالت تستورد النفط حتى يومنا هذا. تدير تل أبيب مصفاتين لتكرير النفط بطاقة اجمالية تبلغ نحو 300,000 برميل يومياً. أكبرها مصفاة “هايفال” التي تبلغ طاقتها 197,000 برميل يومياً، في حين تبلغ قدرة “أشدود” حوالي 100,000 برميل يومياً.
غاز الطبيعي و اقتصاد الأوروبي
و على صعيد الغاز الطبيعي، طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي لهما علاقات وثيقة. كان أول اكتشاف مهم هو حقل الغاز تمار الذي اكتشفته شركة “نوبل إنرجي” الأمريكية واستحوذت عليه شركة “شيفرون” مؤخراً. اكتشف حقل تمار الذي تقدر احتياطاته القابلة للاستخراج بحوالي 18 مليار متر مكعب في عام 2009. ويقدم حالياً حوالي 99% من الغاز الطبيعي لإسرائيل.
في عام 2016، اكتشفت إسرائيل حقل “ليفياثان” الذي تقدر احتياطاته القابلة للاستخراج بحوالي 625 مليار متر مكعب. بدأ الإنتاج والتصدير من الحقل في ديسمبر 2019، ومن المتوقع أن تزود احتياطات هذه البلاد لأكثر من 25 عاماً. بعد أن اكتفت إسرائيل ذاتياً من الغاز، تحولت انظارها نحو الخارج عبر إبرام اتفاقيات تصدير. في عام 2014، وقعت شركة “نوبل إنرجي” اتفاقية بيع الغاز الطبيعي مع شركتين أردنيتين.
“هما شركة البوتاسي العربية وشركة برومين الأردن. وبعد سنتين وقعت إسرائيل اتفاقية ثانية مع الأردن بقيمة تزيد عن مليارات دولار لتزويد شركة الكهرباء الوطنية الأردنية بالغاز من حقل ليفياثان.
وفي مصر وقعت عقود تصدير طويلة الأجل. ومن المتوقع أن يوفر حقل تمار خمسة وعشرون مليارا وثلاثمائة مليون متر مكعب للتصدير إلى مصر. أما حقل ليفيا ثان فسيوفر ما يصل إلى ستين مليار متر مكعب لمدة تصل إلى خمسة عشر عاماً من الشرق الأوسط إلى أوروبا.
إسرائيل في عام 2020 بالتوقيع على اتفاقية مع الدول الأوروبية لبناء خط أنابيب است ميد تحت البحر بين إسرائيل وقبرص واليونان ثم إلى إيطاليا. تبلغ تكلفة خط الأنابيب سبعة مليارات دولار. وتصل طاقته الأولية إلى عشرة مليارات متر مكعب سنوياً. لكن المشروع لم يبصر النور حتى هذه اللحظة.
حقول المليئة من الغاز في فلسطين!
أما فلسطين المحرومة من التنقيب، فقدر عدد حقول الغاز في بحر قطاع غزة بثمانية حقول. أبرز هذه الحقول حقل غزة مارين، واكتشف في عام 1999، وتقدر احتياطاته بتريليون قدم مكعب. ترفض إسرائيل اليوم طلبات الفلسطينيين باستغلاله.
وهناك أيضاً حقل ماربي وحقل المنطقة الوسطى وحقل نوار الذي تشير التوقعات إلى وجود مخزون بداخله يصل إلى تريليونات قدم مكعب. يستورد الفلسطينيون نحو ثلاثة وتسعين بالمئة من احتياجاتهم الكهربائية. وفي حال نجحوا باستغلال الحقول التي لديهم، فإنهم قادرين على تلبية احتياجاتهم بالكامل وسيحل ذلك جميع مشاكلهم الاقتصادية.
إزمة في الأسواق الأوروبية
تعال لنحکی حول طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي بوضوح أكثر. جلب اكتشاف الغاز الطبيعي فوائد اقتصادية كبيرة لإسرائيل، وعائدات بمليارات الدولارات وانخفاض في أسعار الكهرباء ولعب دورًا إقليميًا هامًا. مع نهاية عام 2021، كان سعر الكهرباء في إسرائيل أقل بنسبة خمسين بالمئة تقريبًا عما كان عليه في أوروبا.
وفي ذلك العام أيضًا، أنتجت شركات الطاقة في إسرائيل واحدًا وعشرين مليارا ومائتين وتسع مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. صدرت تسع مليارات ومائتين وعشرة ملايين متر مكعب منه فقط. ذهبت جميعها إلى مصر والأردن.
وبينما كانت إسرائيل تبحث عن سبل وطرق لزيادة الإنتاج والتصدير والارتباط بأسواق جديدة، وجدت نفسها محاطة بخطر لم تتوقعه يوما في حياتها و هنا طوفان الأقصى و الاقتصاد الأوروبي يلتقيان.
المقاتلون الفلسطينيون تسللوا إلى أراضيهم السابقة التي المستوطنون وأصبحوا يهددون حقول الغاز لتقوم شركة شيفرون بإغلاق حقل تمار الذي يمثل نحو نصف إنتاج إسرائيل السنوي من الغاز ويذهب جزء كبير منه الى مصر التي تستقبله عبر محطات لتسهيل الغاز وترسله الى أوروبا.
وفي حال تطور الصراع في الشرق الأوسط، فإن حقل ليفيا فان بالقرب من لبنان مهدد بالتوقف أيضًا. وفي أحدث قالت فنلندا إن خط الأنابيب الذي يربطها مع استونيا تعرض لأضرار وخرج عن الخدمة. وهناك دلائل على أنه ربما تعرض للتخريب مع خطي نوردستريم. بعد انقطاع أوروبا عن إمدادات الغاز الروسية، أصبحت تعتمد بشكل كبير على الوقود المستورد، الأمر الذي يعرضها لاضطرابات غير متوقعة، لأي أحداث مفاجئة مثلما حدث في فلسطين مؤخرا.
فقد ارتفعت أسعار عقود الغاز الأوروبية القياسية بأكثر من عشرين بالمئة. هذه الارتفاعات لو استمرت ستؤدي الى ارتفاع الأسعار بالنسبة للشركات والمستهلكين، وسيحدث ذلك بمجرد تضائل المخزون الشتوي في القارة. وستبقى أسواق النفط على حافة الهاوية مع استمرار الحرب في إسرائيل.
ويتخوف قادة العالم من تطور الصراع ودخول إيران في الحرب، والتي من المتوقع أن تقطع الطريق في مضيق هرمز، المضيق الذي يعد محوريا في عمليات نقل النفط من الشرق الأوسط إلى العالم.”